صغار التابعين): ما أعلم الورع اليوم إلا في أهل المدينة، وأهل مصر (¬1).
وتلقى المصريون العلم عن الصحابة على قلتهم بمصر (¬2)، وكان من أشهرهم أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني (90هـ)، فقد أخذ العلم وتتلمذ على يد عقبة، وعمرو بن العاص (¬3)، وجاءت الطبقة التي تلي كبار التابعين فنشطت في العلم، ولا سيما يزيد بن أبي حبيب الذي بث العلم بمصر ونشره، يقول أبو سعيد بن يونس: كان مفتي أهل مصر في أيامه يزيد، وكان حليما عاقلا، وكان أول من أظهر العلم بمصر، والكلام في الحلال والحرام (¬4)، ويزيد هو إمام الديار المصرية في زمانه كما قاله ابن كثير (¬5)، ويقول عنه الليث بن سعد: هو سيدنا، وعالمنا (¬6).
إلا أنه كان ذا حظ قليل في علم التأويل، فقد كان يغلب عليه الطابع المدني في التحديث والانشغال به عن التفسير، فأكثر في الحديث وروى عن جملة من التابعين أمثال نافع وسالم (¬7)، كما أنه انشغل بما انشغل به أهل مصره من المغازي والسير، حتى ما رأيت له في التفسير على قلتها كان حول مسائل في السيرة (¬8)، ولم ينتشر التفسير
¬__________
(¬1) المعرفة (2/ 484).
(¬2) سيرة الإمام مالك لأبي زهرة (84).
(¬3) حسن المحاضرة (1/ 296).
(¬4) تهذيب الكمال (32/ 105)، والتهذيب (11/ 318)، والنجوم الزاهرة (1/ 308)، وحسن المحاضرة (1/ 299).
(¬5) تفسير ابن كثير (4/ 10).
(¬6) تهذيب الكمال (32/ 105)، وحسن المحاضرة (1/ 299)، والشذرات (1/ 175).
(¬7) طبقات ابن سعد (7/ 513).
(¬8) بعد مراجعة تفسير ابن كثير، وجدت له ثلاثة آثار كلها حول ذلك (3/ 570)، (4/ 10)، (8/ 274)، والمواضع التي وجدت النقل عنه فيها عند أبي زرعة في تاريخه كانت أيضا حول مسائل في المغازي والسير، ينظر تاريخ أبي زرعة (1/ 219، 290، 386، 413، 431، 524، 537، 594، 630، 635، 636).