بمصر إلا في عصر أتباع التابعين، فقد ظهر الليث بعد سعد، ونشر العلم بمصر، وكان ذا حافظة قوية وفقه دقيق حتى قال عنه الشافعي: «الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا عليه» (¬1)، وانتشر في عهد أتباع التابعين تفسير ابن عباس الذي رواه علي بن أبي طلحة، وكانت نسخة منه موجودة عند أبي صالح كاتب الليث (¬2)، وكذلك تفسير سعيد بن جبير، الذي رواه عطاء بن دينار، وهو من ثقات أتباع التابعين، وقد أخذه من ديوان عبد الملك بن مروان (¬3)، ومع عدم وجود مادة علمية في المراجع بين أيدينا تدل على رواية المصريين للتفسير، إلا أني أميل إلى ظهور التفسير في عصر التابعين في مصر، بمنهج المدرسة المكية، ولكن لم ينقل بسبب الورع الذي تلقوه عن شيخهم عقبة، والتأثر بالمنهج المدني في رواية الآثار والسير، يدل على ذلك ما يلي:
1 - مرور ابن عباس بمصر، فقد رحل إليها، وروى عنه من أهل مصر خمسة عشر نفسا (¬4).
2 - رحلة عكرمة إلى مصر عام (58هـ) (¬5)، وأخذ يزيد، وروايته عنه (¬6).
3 - رحلة مجاهد إلى مصر، التي روى فيها عن مسلمة بن مخلد، وروى عنه فيها خلق كثير (¬7).
4 - المراسلات التي كانت بين يزيد بن أبي حبيب، وبين عطاء بن أبي رباح، وإن
¬__________
(¬1) وهذا يؤكد ما قاله أبو زهرة: إن الشافعي درس فقه الليث فانتهى إلى هذه النتيجة، ينظر كتاب سيرة الإمام مالك لأبي زهرة (84).
(¬2) الإتقان (2/ 532) ط بيروت، دراسات في التفسير وأصوله (307).
(¬3) الجرح (6/ 332)، والمراسيل (58)، والتهذيب (7/ 198)، وتاريخ التراث (1/ 76).
(¬4) السير (3/ 336).
(¬5) طبقات ابن سعد (5/ 343)، والنجوم الزاهرة (1/ 133)، وغاية النهاية (2/ 41).
(¬6) الكامل (5/ 107).
(¬7) طبقات المفسرين للداودي (2/ 306).