الفصل الثالث خصائص مدارس التفسير في عصر التابعين
لا شك أن القول بتعدد المدارس يستلزم ضرورة القول بتعدد المناهج، واختلاف المسالك والمشارب، فلكل مدرسة سماتها وخصائصها التي انفردت بها أو اعتنت بها اعتناء أكثر من اعتناء غيرها، لذلك استحقت أن تكون مدرسة قائمة بذاتها، وإلا فإن مجرد الاختلاف المكاني ليس له كبير اعتبار في هذا الصدد.
وفي هذا الفصل أحاول تحديد تلك السمات والخصائص في منهج كل مدرسة، وبدهي أن هذا لا يعني البحث عن حدود وحواجز تمنع من التقاء مدرستين أو أكثر، فهذا لا يمكن تصوره في مدارس تتوارد على علم واحد، وهو علم التفسير، المتعلق بكتاب واحد، هو كتاب الله تعالى. إلا أن هذا التداخل والاشتراك لا يمنع من القول بوجود تمايز وتباين بين مدرسة وأخرى، وأشبه ما يكون ذلك بالإنسان، فإنك تجد قدرا مشتركا من الصفات والسمات بين جميع أفراده، وذلك ليس بحائل دون وجود خصائص ومميزات تفصل بين إنسان وآخر، وهكذا الشأن في المدارس.
كما أننا نلاحظ تعدد المناهج والخصائص في المدرسة الواحدة، إلا أن أوجه الاتفاق تمثل القدر الأكبر، وبجمع تلك الأوجه، وضم الأشباه والنظائر، يمكن إبراز السمات والخصائص لكل مدرسة على حدة.
* * *