كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

1 - الدقة اللغوية:
لقد فاقت هذه المدرسة سائر مدارس التابعين في الدقة اللغوية، وسيأتي أن لمدرسة البصرة جانبا مهما في استعمال الفصيح، والبليغ من اللغة، وأن المنقول عن الحسن البصري إمام المدرسة أكثر من غيره مطلقا، إلا أن هذا المنقول لم يستوعب جميع الآيات، في حين أن المنقول عن مجاهد مثلا يعتبر أقل بكثير من المنقول عن الحسن إلا أنه استوعب الغريب كله في القرآن.
يقول السيوطي: وأولى ما يرجع إليه في معرفة الغريب، ما ثبت عن ابن عباس، وأصحابه الآخذين عنه، فإنه ورد عنهم ما يستوعب غريب القرآن (¬1).
وقد جاء بناء عليه أكثر تفسير غريب مفردات القرآن عن المدرسة المكية (¬2).
وثمة شيء آخر تميزت به المدرسة المكية، وهو الدقة في التفريق بين المفردات القرآنية، والكلمات المتشابهة، فمجاهد مثلا عند ما يتعرض لتفسير (الربانيين) يربطها بكلمة أخرى، ويبين النسبة بينهما، فيقول: الربانيون: الفقهاء العلماء، وهم فوق الأحبار.
فلم يكتف رحمه الله ببيان معنى (الربانيين) حتى بين نسبتهم للأحبار، أي:
أنهم أعلى منهم شأنا، وقدرا.
ولما فسر قوله تعالى: {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}، قال: الصدع مثل المأزم غير الأودية والجرف.
¬__________
(¬1) الإتقان (1/ 150).
(¬2) جاء (46، 0) من مجموع المروي عن مشاهير التابعين عن المدرسة المكية، في حين بلغ عن البصرية (38، 0) من مجموعه، ولم يزد في الكوفية عن (14، 0) وعند المدنية بلغ (02، 0) فقط.

الصفحة 551