كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

فمن ذلك: علم الأشباه والنظائر، وهو الذي يبحث في الآيات المتناظرة التي يشبه
بعضها بعضا في دلالة الأحكام والبيان، وهذا لا يستغني عنه مفسر، حتى لا يختلف قوله في موضعين من باب واحد.
وقد يسمى أيضا بكليات القرآن، وهو منهج استقرائي دقيق يدل على سعة علم صاحبه، وخبرته التامة بالآيات، فمن أمثلة ذلك ما جاء عن ابن عباس أن كل شيء في القرآن عسى، فإن عسى من الله واجب (¬1).
أو ما جاء عن مجاهد وهو قوله: (كل ظن في القرآن فهو علم) (¬2).
وهذا المنهج الاستقرائي من الدقة بمكان، وهو يساعد كثيرا على فهم التفسير، ولم يخض في خضم هذا العلم في عصر التابعين كما أسلفت آنفا إلا أئمة المدرسة المكية نتيجة لتخصصهم.
وكما أضفى التخصص على هذه المدرسة ثوبا من الاستعراض العلمي والاستيعاب ما ليس لغيرها من المدارس فهي من أوائل المدرسة التي قامت بعد حروف القرآن وكلماته (¬3).
كما أن أقوالها في الغريب قد استوعب كامل القرآن، وقد اعتنى أصحاب هذه المدرسة ببيان الألفاظ (المعربة) في القرآن، فقد تبنوا هذا المذهب.
فعن مجاهد، وعكرمة إن في القرآن من غير لسان العرب.
وعن سعيد بن جبير قال: ما في الأرض لغة إلا أنزلها الله تعالى في القرآن (¬4).
وقد ساعدهم في معرفة ذلك اختلاطهم بالوافدين من الحجاج، كما أن للموقع
¬__________
(¬1) سيأتي بيانه وتفصيله ص (1036).
(¬2) ينظر ترجمة مجاهد ص (120).
(¬3) ترجمة مجاهد ص (128).
(¬4) فنون الأفنان (341).

الصفحة 556