في ترجمة الحسن رحمه الله (¬1).
ثم إن تناول المدرسة البصرية للغريب والفصيح، كان تناولا دقيقا جميلا، فتميزت بهذا أيضا المدرسة البصرية عن غيرها.
فالإمام مجاهد مثلا درج على النمط العلمي في تفسير الغريب، بأن يبين للكلمة المعنى المرادف، أو الموافق، ونحوه، ويقتصر على ذلك، في حين أن التابعين من البصرة كانوا يضعون معنى الكلمة الغريبة في قالب أدبي، وأسلوب رشيق، بعبارة وعظية، أو أدبية راقية. والناس تميل نفوسهم لمثل هذا البيان المؤثر، ولذا تناقل الناس الغريب والفصيح، عن البصرة أكثر مما تناقلوه عن غيرهم، حتى إننا لنجد كتب الأدب تعتمد على كلامهم أكثر من سواهم، فمجموع ما روي عن الحسن في (عيون الأخبار، والعقد الفريد، والبيان والتبيين) كان أكثر مما روى عن غيره من التابعين مجتمعين كما سبق ذكره (¬2).
هذا حال البصرة في مجال اللغة، فإذا انتقلنا إلى المدارس الأخرى، فإننا نلمح اختلافا بينا عن المدرسة البصرية، فلقد قيل مثلا عن عطاء وهو من أئمة المدرسة المكية:
إنه ضعيف في اللغة، وكان النخعي شيخ الكوفة يلحن، حتى لو سمعته يقرأ لقلت: لا يحسن شيئا، وها هو إسماعيل بن أبي خالد راوية الشعبي يلحن اللحن الفاحش فيحدث (بقوله عن أبو) وهكذا، وقلّ أن نجد مثل هذا في المدرسة البصرية.
ولذا فقد امتازت البصرة بهذه الخصيصة، وتميزت بها، وصار هذا مشهودا في ألفاظها، وكلامها وعباراتها، وارتقت به عن غيرها من المدارس.
¬__________
(¬1) ينظر ص (205) من هذا البحث.
(¬2) ينظر ص (450).