كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

{فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} قال: قوله: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} (¬1) فليطيعوا، الاستجابة: الطاعة (¬2).
في حين قال الحسن: اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات، ويزيدهم من فضله (¬3).
وهذا يؤكد مدى المبلغ الذي وصلت إليه المدرسة البصرية والذي لا يدانيه منهج من مناهج المدارس الأخرى سواء كانت من المدارس المكثرة كالمكية أو المقلة كالمدنية (¬4).
وقد غلب هذا اللون من القص والزهد على حلقات العلم في البصرة (¬5)، حتى صارت أكثر الحلقات تعنى بهذا الجانب، ويقول عبد الله بن عون: أدركت هذا المسجد مسجد البصرة وما فيه حلقة تنسب إلى الفقه إلا حلقة واحدة تنسب إلى مسلم ابن يسار، وسائر المسجد قصاص (¬6).
فهذا كله مما يؤكد تميز المدرسة البصرية بهذا الجانب الوعظي وتفوقها على مثيلاتها من المدارس التفسيرية.
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية (186).
(¬2) تفسير الطبري (3/ 484) 2913، وأورده السيوطي في الدر، وعزاه إلى ابن جرير عن مجاهد به (1/ 474).
(¬3) تفسير الطبري (3/ 486) 2919، ولمزيد من الأمثلة تراجع الآثار التالية من تفسير الطبري:
1934، 4006، 6071، 6694، 6815، 6843، 8223، 8329ويقارن تفسير الحسن بتفسير غيره.
(¬4) كتاب القصاص والمذكرين (254).
(¬5) بعد تتبع كتب الزهد (لابن المبارك، وأحمد، وهناد، ووكيع) واستخراج آثار التابعين منها، تبين أن المصنفين اعتمدوا في كتبهم عن الزهد على روايات شيخ هذه المدرسة الحسن أكثر مما نقلوه عن غيره، فقد بلغت مروياته في هذه الكتب (464) أثرا، في حين بلغت عن مجاهد شيخ مكة (171) أثرا، ويليهما في ذلك الربيع بن خثيم (72) أثرا، وعن سعيد بن جبير (57) أثرا، وغيرهم دونهم في ذلك.
(¬6) كتاب القصاص والمذكرين (170).

الصفحة 569