ومما يذكر أيضا في هذا الجانب أن المدرسة البصرية استخدمت أسلوب الوعظ حتى في تفسيرها لآيات الأحكام كما سبق الإشارة إليه (¬1).
وقد أدى التوسع في الجانب الوعظي إلى نتائج كثيرة، لعل من أبرزها ما يلي:
1 - كثرة العباد والزهاد في مدرسة البصرة، وتميزها في ذلك عن بقية الأمصار، فقد أثر الوعظ في سلوكياتهم، واتسعت فكرة الزهد منذ ذلك الحين (¬2).
قال ابن أبي ليلى: طفت الأمصار، فما رأيت مصرا أكبر متهجدا من أهل البصرة (¬3).
ويقول سعيد بن جبير: ما رأيت أرعى لحرمة هذا البيت، ولا أحرص عليه من أهل البصرة، لقد رأيت جارية ذات ليلة تعلقت بأستار الكعبة تدعو وتتضرع وتبكي حتى ماتت (¬4).
يقول ابن عون: إنما بزّ الناس الحسن بالزهادة في الدنيا، فأما العلم فقد شاركه فيه الناس (¬5).
2 - تقبل الأسلوب القصصي في الوعظ، والرضى عنه.
كان الفقهاء والمتكلمون والأدباء يسمون أهل الذكر والوعظ قصاصا (¬6)، وكان الأسلوب القصصي غير مرضي عند علماء السلف لغلبة الدخيل عليه، فلا يكاد يخلو من آثار واهية، وأحاديث موضوعة، ولقد تفنن القصاص في ذلك حتى إن بعضهم كان
¬__________
(¬1) في ترجمة الحسن وقتادة ص (216)، (268).
(¬2) تذكر دائرة المعارف الإسلامية في مادة (زهد) أن فكرة الزهد اتسعت منذ عصر الحسن.
(¬3) المصنف لابن أبي شيبة (12/ 189) 12503.
(¬4) السير (4/ 334)، وصحح الذهبي إسناد هذا الخبر.
(¬5) المعرفة (2/ 50).
(¬6) معالم القربة في أحكام الحسبة (180).