كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

المبحث الأول القرآن الكريم
لا ريب أن أعظم ما يفسر به القرآن الكريم هو القرآن نفسه لأن الله تعالى أعلم بمراده، وقد أجمع العلماء على أن أشرف أنواع التفسير وأجلها، تفسير كتاب الله بكتاب الله جلّ وعلا.
وقد حوى القرآن الكريم بين سوره وآياته غايات عظيمة، وحكما باهرة، مع ما ورد فيه من الدقة الباهرة، والتشريع الحكيم المعجز، ومن المميزات العجيبة في هذا الكتاب: أن آياته مثاني تثنى في القراءة، وتتشابه في الإعجاز، والإحكام، وإن كان بعضها أعظم من بعض، كما هو شأن آية الكرسي.
وقد تكررت في هذه الآيات المواعظ، والقصص، والأحكام، فلا يصل إلى غور تفسيره إلا من تأمل هذه الآيات، وتكرارها، فهي وإن تكرر بعضها بلفظه، أو بمعناه، فإن له في كل موضع حكمة، ودقيق علم، لا يبلغه إلا من وفقه الله سبحانه لمعرفة ذلك لهبة ربانية، ومنحة إلهية، بمزيد علم ومعرفة، وليس المراد في تفسير القرآن بالقرآن، ملاحظة تكرار الآية، أو القصة فحسب، بل قد يكون التفسير من باب بيان إجمال، بسبب اشتراك، أو إبهام، أو بجواب سؤال، أو بتوضيح سبب آخر لقضية ما، أو بذكر ظرف المكان، أو الزمان لشيء ذكر في موضع آخر، أو التفسير بالأعم الأغلبي باستقراء المعاني الثابتة في أكثر الآيات، أو أن تشير الآية إلى طريقة برهانية، لها نظائرها في آيات أخرى، ومن ذلك أيضا العموم في آيات، وبيان بعض أفرادها في
آيات أخر، وبيان المنطوق بالمفهوم، والموصوف بالصفات، وغير ذلك كثير (¬1).

الصفحة 608