كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

3 - الدلالة على التفسير بالسياق:
وفي هذا النوع يلحظ المفسّر منهم سياق الآية فيربطها بما قبلها، أو بما بعدها، سواء كان ذلك في الآية نفسها، أو في مجموعة من الآيات، ومن أمثلة ذلك ما جاء عن مجاهد رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلى َ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} (¬1)، قال:
ابتلي بالآيات التي بعدها {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (¬2)، وجاء عنه في رواية أخرى أنه قال: {وَإِذِ ابْتَلى َ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}، قال الله لإبراهيم: إنّي مبتليك بأمر، فما هو قال: تجعلني للناس إماما! قال:
نعم. قال: ومن ذريتي. قال: لا ينال عهدي الظالمين. قال: تجعل البيت مثابة للناس.
قال: نعم [قال]: وأمنا. قال: نعم. [قال]: وتجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك. قال: نعم. [قال]: وترينا مناسكنا وتتوب علينا. قال: نعم. قال: وتجعل هذا البلد آمنا. قال: نعم. قال: وترزق أهله من الثمرات من آمن منهم. قال: نعم (¬3).
وجاء عن الربيع بن أنس في الآية نفسها أنه قال: فالكلمات: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} (¬4)، وقوله: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ} (¬5) وقوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (¬5)، وقوله: {وَعَهِدْنَا إِلى َ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (¬5)، وقوله: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} (¬6) الآية، قال: فذلك كله من الكلمات التي ابتلي بها إبراهيم (¬7).
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية (124).
(¬2) تفسير الطبري (3/ 11) 192، وزاد المسير (1/ 140)، وفتح القدير (1/ 137، 139).
(¬3) تفسير الطبري (3/ 11) 1917، 1918، 1919.
(¬4) سورة البقرة: آية (124).
(¬5) سورة البقرة: آية (125).
(¬6) سورة البقرة: آية (127).
(¬7) تفسير الطبري (3/ 11) 1922، وفتح القدير (1/ 137).

الصفحة 617