كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

هنا ما كان منه تفسيرا للقرآن بالقرآن، ومن ذلك ما جاء في تفسير قوله تعالى: {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ} (¬1)، قال مجاهد: هو كقوله: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} (¬2).
فالآية الماضية لم تقيد التكذيب بنوع واحد، فأراد مجاهد أن يفسّر هذا التكذيب بإحدى صوره الواردة في آية أخرى، وهو التكذيب بما نهى الله عنه، وهو أحد أنواع التكذيب، ولكن لشناعته اختاره مجاهد دون غيره فذكره، ثم يقاس عليه بقية ألوان التكذيب الواردة عنهم.
وعند تفسير قوله تبارك وتعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} (¬3).
قال مجاهد: ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن أن ينكحن أزواجهن كالعضل في سورة البقرة (¬4).
فهنا فسّر مجاهد عضل المرأة بإحدى صوره، وهو العضل عن نكاح الأزواج للآية الأخرى.

ب حمل المجمل على المبين:
ومن ذلك ما ورد عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} (¬5) قال:
من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم ما ذكر حتى يتم خلقه (¬6).
¬__________
(¬1) سورة الأعراف: آية (101).
(¬2) سورة الأنعام: آية (28)، والأثر أخرجه الطبري في تفسيره (13/ 9) 14904.
(¬3) سورة النساء: آية (19).
(¬4) أي قوله سبحانه: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} سورة البقرة (232)، والأثر عن مجاهد أخرجه الطبري في تفسيره: (8/ 112) 8890.
(¬5) سورة نوح: آية (14).
(¬6) تفسير الطبري (29/ 96)، والدر المنثور (8/ 291).

الصفحة 619