كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

وفي رواية عنه قال: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}، يعني بذلك الكفار، لا يعني بذلك أهل الصلاة (¬1).
فالآية الأولى جاء فيها العموم في لفظة (من) ليعم المؤمن والكافر، فجاء الحسن فبين أنها خاصة بالكافر مستدلا بأسلوب الحصر في الآية الثانية، وهذا متوافق مع منهجه الوعظي المشار إليه سابقا (¬2).
وأصرح من ذلك ما جاء عنه أيضا في تفسير الآية نفسها أنه قال: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} (¬3)، إنما ذلك لمن أراد الله هوانه، فأما من أراد كرامته، فإنه من أهل الجنة، {وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} (¬4).

6 - التفسير باللازم:
المراد بالتفسير باللازم أن المفسّر لا يذكر صراحة تفسيرا للآية التي هو بصددها، بل يذكر شيئا من لوازم ذلك، ويربطه بآية أخرى، فمن ذلك ما جاء عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬5)، فقد قال: لو أعطيها أحد لأعطيها يعقوب، ألم تسمع: {يَا أَسَفى َ عَلى َ يُوسُفَ} (¬6).
فقد لاحظ سعيد رحمه الله أنه يلزم من قول يعقوب عليه السلام {يَا أَسَفى َ عَلى َ يُوسُفَ} أنه لم يكن يعرف {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، وإلا لقالها، بدلا من تأسفه على ذهاب يوسف.
¬__________
(¬1) المرجع السابق (9/ 238) 10513.
(¬2) ينظر ترجمة الحسن ص (212).
(¬3) سورة النساء: آية (123).
(¬4) سورة الأحقاف: آية (16)، والأثر أخرجه الطبري في تفسيره (9/ 238) 10516.
(¬5) سورة البقرة: آية (156).
(¬6) سورة يوسف: آية (84)، والأثر أخرجه الطبري في تفسيره (3/ 224) 2331، وابن الجوزي في الزاد (1/ 162)، والسيوطي في الدر (1/ 377).

الصفحة 623