كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

ومن ذلك أيضا ما جاء في تفسير قوله جل وعلا: {وَلَا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} (¬1)، فقد قال مجاهد عنها: إنها كقوله: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} (¬2)
زرقا سود الوجوه، والملائكة لا تسأل عنهم قد عرفتهم (¬3).
فبين مجاهد أنه يلزم من عدم سؤال المجرمين عن ذنوبهم أن يكونوا معلمين بعلامة كي لا تحتاج الملائكة أن تسأل عنهم.
وقريب منه ما ورد في تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى} (¬4)، قال قتادة: وهذه من مقاديم الكلام، يقول: لولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لكان لزاما، والأجل المسمى: الساعة لأن الله تعالى يقول:
{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى َ وَأَمَرُّ} (¬5).
فهنا لاحظ قتادة أنه لا تكون الآية لولا كلمة من الله لكان لهم أجل يرجعون فيه لأن ذلك يخالف ما ثبت في الآية الأخرى من ضرب الموعد لهم، فيلزم من ذلك أن تكون الآية الأولى من باب التقديم والتأخير.

7 - توضيح المبهم:
ومن طرق التفسير التي اتبعها التابعون أيضا إيضاح مبهم آية بآية أخرى لإزالة الإبهام.
فمن ذلك ما جاء عن مجاهد في تفسير سورة (براءة) عند قوله تعالى: {وَآخَرُونَ}
¬__________
(¬1) سورة القصص: آية (78).
(¬2) سورة الرحمن: آية (41).
(¬3) تفسير الطبري (20/ 114)، وزاد المسير (6/ 243)، وفتح القدير (4/ 187).
(¬4) سورة طه: آية (129).
(¬5) سورة القمر: آية (46)، والأثر أخرجه الطبري في تفسيره (16/ 232)، وأورده السيوطي في الدر وعزاه لابن أبي حاتم عن قتادة بلفظ مقارب (5/ 610).

الصفحة 624