كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

{مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} (¬1)، قال: {الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (¬2) هم الذين أرجئوا في أوسط براءة، هلال بن أمية، ومرارة بن ربيع، وكعب بن مالك (¬3) فأزال مجاهد الإبهام الحاصل في كلمة (آخرون) بأن وضح المراد منهم، وأنهم الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك.
ومثل ذلك: ما ورد عنه أيضا عند تفسير قوله تعالى: {نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى َ}، قال: فذلك قوله: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} (¬4)، والآخرة {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى َ} (¬5).
فوضح رحمه الله الإبهام في (الآخرة) و (الأولى) بأنهما كلمتان قالهما فرعون وبينهما من الآيات الأخرى.
ولما أراد عكرمة أن يرفع الإبهام الواقع في لفظة (الحين) استدل بالآية التي تبين أن المراد منه سنة.
فعنه أنه قال: أرسل إلي عمر بن عبد العزيز، فقال: يا مولى ابن عباس: إني حلفت ألا أفعل كذا وكذا حينا، فما الحين الذي تعرف به قلت: إن من الحين حينا لا يدرك، ومن الحين حين يدرك، فأما الحين الذي لا يدرك فقول الله: {هَلْ أَتى َ عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} (¬6)، والله ما يدري كم أتى له إلى أن
¬__________
(¬1) سورة التوبة: آية (106).
(¬2) سورة التوبة: آية (118).
(¬3) تفسير الطبري (14/ 545) 17436، 17437، وتفسير عبد الرزاق (2/ 287)، وأورده السيوطي في الدر، وعزاه إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن مجاهد بنحوه (4/ 284).
(¬4) سورة القصص: آية (38).
(¬5) سورة النازعات: آية (25)، والأثر أخرجه الطبري في تفسيره (30/ 41).
ومما جاء عنهم في ذلك ما ورد عن سعيد بن جبير في الأثر: 13800، وعن عطاء في الأثر: 1442.
(¬6) سورة الإنسان: آية (1).

الصفحة 625