كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

ومن العام الذي جاء في القرآن وأريد به الخاص آية المواريث، فقد قال تعالى:
{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} ثم قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى َ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} (¬1).
وهذه الآيات بظاهر عمومها تفيد أن الوصية مقدمة على الميراث أيا كان مقدارها، فجاءت السنة، وبينت أن الوصية المقدمة على الميراث هي الوصية التي لا تزيد عن الثلث، فكانت الآيات بذلك مخصصة أريد بها كلها الخاص، وإن كان اللفظ عاما (¬2).

أسباب قلة المروي عنهم في هذا الباب عموما:
ومع وجود أبواب التفسير في كتب السنة، ككتاب التفسير في صحيحي البخاري ومسلم، وما في بقية كتب السنة، إلا أن المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب يعدّ قليلا بالنسبة لما نقل عنه صلى الله عليه وسلم من بيان الحلال والحرام، والمنقول في كتب التفسير أقل من ذلك.
بل قد قال الإمام أحمد: ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير، والملاحم، والمغازي، ويروي ليس لها أصل، أي إسناد (¬3).
¬__________
(¬1) سورة النساء: آية (12).
(¬2) ابن حنبل، لأبي زهرة (226).
(¬3) مجموع الفتاوى (13/ 436).

الصفحة 632