كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

والمقصود بذلك هو التفسير النبوي، وتفسير الصحابة لقلة المروي فيه، لا التفسير المنقول عن التابعين، فإنه كثير وأسانيده مستقيمة، ويعتمد أحمد رحمه الله عليه كثيرا (¬1).
أما المنقول من التفسير النبوي في كتب التفسير فالغالب عليه المراسيل (¬2) (بلغني، ذكر لنا، حدّثنا) وما أشبه هذه الصيغ، بل كثير من تفسير التابعين المعتمد فيه على السنة قد نقل بهذه الطريقة أي دون ذكر الإسناد المتصل، ولعل السر في ذلك أنها من المنقولات التي لا يحتاج إليها في الدين حاجة ماسة، وإنما جاءت في باب الفضائل، على أن الكثير منها قد تعددت طرقه، وخلت عن المواطأة فهي صحيحة بهذا الاعتبار (¬3).

اختلاف التابعين في الاعتماد على هذا المصدر:
لقد اختلف المنقول عن التابعين في هذا الباب، فمن مقل ومن مكثر نسبيا، كما اختلفت طريقتهم في رفع الحديث للنبي إرسالا ووصلا، كما وقع الاختلاف في نوعية الآيات التي يتناولون تفسيرها معتمدين على السنة، هل هي من آيات الوعظ أو الأحكام أو غير ذلك.
ولعلي أبرز فيما يلي هذا الاختلاف مبينا وجهه وأسبابه، وذلك بالنسبة للمدارس أو أئمتها.
تعد المدرسة المدنية من أكثر المدارس عناية بالسنة رواية في المقام الأول ثم دراية، إلا أن المنقول عنهم في هذا الباب حفلت به كتب السنة أكثر مما حفلت به كتب التفسير،
¬__________
(¬1) وسوف يأتي تفصيل ذلك في مبحث قيمة المروي عنهم رواية، ص (917).
(¬2) مجموع الفتاوى (13/ 436).
(¬3) أشار إلى هذا المعنى شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (13/ 346، 347).

الصفحة 633