كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

وأكثره من الموصولات المسندات، وأما المدرسة التي كثر النقل عنها في كتب التفسير مما اعتمدت فيه على مصدر السنة فهي المدرسة البصرية، فكان إماما البصرة (الحسن وقتادة) يكثران من ذلك (¬1)، إلا أن أكثر ما يوردانه في هذا الباب يكون بأداء الإرسال لا الوصل، وكثير منه فيما يتعلق بالوعظ، ولعل السبب في ذلك هو ميل هذه المدرسة للمنهج الوعظي كما سبق تقريره (¬2) وهو منهج يهتم بالمعنى أكثر من اهتمامه بالطريق الموصلة له.
بل من الملاحظ أن هذه المدرسة وهي مقلة في جانب الإسرائيليات جدا إذا جاء الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما توافق مع الإسرائيليات فإنهم يحدثون به وربما يطيلون في ذلك (¬3).
أما المدرسة الكوفية: فقد غلب عليها جانب الورع في هذا الباب فقلت روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم في التفسير (¬4)، ولعل ذلك يرجع إلى: تشددها في قبول الأخبار، وتحذير ابن مسعود رضي الله عنه من التوسع في الحديث، والتفسير بغير علم (¬5)، وبعض التفسير بالسنة يدخله الاجتهاد في أن هذه الآية تفسر بهذا الحديث، أو ذاك.
وأما المدرسة المكية: فقد قلّ نتاجها في هذا الباب مع تقدمها في باب الاجتهاد، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى توسع بعض أئمتها في تفسير القرآن بالقرآن كمجاهد، كما أن مما أعانهم أخذهم لكثير من التفسير عن ابن عباس، مما جعلهم لا يتوسعون في
¬__________
(¬1) بلغ عدد الروايات التي اعتمد فيها التابعون ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (392) رواية منها (287) رواية عن المدرسة البصرية أي ما نسبة (73، 0) من مجموع المروي جاء عن البصريين، في حين كانت نسبة المروي عن المكيين لم يزد عن (16، 0) وعن الكوفيين (06، 0) فقط.
(¬2) وقد سبق بيان ذلك في أسباب كثرة المروي عن المدرسة البصرية، ص (448)، وعند الحديث عن ترجمة الحسن وقتادة، ص (212)، (263).
(¬3) ويأتي تفصيل ذلك في مبحث منهجهم في الرواية عن بني إسرائيل ص (875).
(¬4) سبق بيان ذلك في مبحث أسباب قلة المروي عنها، ص (492).
(¬5) وقد سبق تفصيل ذلك في مبحث المدرسة الكوفية في ترجمة ابن مسعود، ص (462).

الصفحة 634