كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

التفسير بالمصدر الثاني وهو السنة.
ويمكن رد أسباب اختلاف كثرة المروي أو قلته عن التابعين إجمالا إلى ما يلي:

1 - الموهبة الفطرية:
يبرز في هذا الجانب قتادة إذ يعتبر من أكثر التابعين تفسيرا للقرآن بالسنة (¬1)، وذلك لما وهبه الله تعالى من الحافظة القوية، والشغف العظيم بالسنة، فجاء تفسيره حافلا بالنصوص الحديثية التي تنوعت فشملت معرفة لأسباب النزول، والمكي والمدني، وغيرها من علوم القرآن المحتاجة إلى الحفظ، والرواية.

2 - الورع والاحتياط:
وهذا سبب أثر على تفسير التابعين بهذا المصدر، فقلت المرويات في التفسير بالسنة، وكثر في المقابل منقولهم عن أقرانهم، فالنقل عن علقمة وإبراهيم أبعد عن الخلل، وأقرب للسلامة من النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خشية الخطأ في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبرزت مدرسة الكوفة في ذلك، فكان الشعبي، وابن سيرين يتشددان في الرواية (¬2)، بل وربما أنكر الشعبي على الحسن توسعه في رواية السنن والأحاديث (¬3).
ونجد إبراهيم يميل لإعمال الرأي والعقل مع أنه صيرفي الحديث هيبة من وقوع الخطأ في الحديث النبوي، فيقع تحت طائلة الوعيد على من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونتج عن تلك الحيطة والحذر الشديدين في الكوفة أن كانت مراسيلها من أصح
¬__________
(¬1) حيث بلغ مجموع ما روي عنه (200) رواية اعتمد فيها الحديث النبوي، أي: ما نسبته (51، 0) من مجموع ما روي عن التابعين كان كله من رواية قتادة.
(¬2) كما سبق بيانه في ترجمتهما.
(¬3) العلل لأحمد (3/ 367) 5614.

الصفحة 635