كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

ذلك طبيعة المدرسة التي حصل منها التلقي، ومع اختلاف المدارس والأشخاص تبرز العديد من المعالم في شخص هذا المفسر أو ذاك، ومن المعالم البارزة في تفسير مجاهد رحمه الله والتي أكسبته شخصية متميزة عن غيره من المفسرين ما يلي:

أولا: توسعه في باب النظر، والاجتهاد:
وهذا مما جعل البعض يعده من أوائل من أدخل التفسير العقلي للقرآن العظيم (¬1).
وقد أدى به سلوك هذا السبيل إلى تأويل آيات على غير ظاهر السياق بل قد جاء في بعضها بما يستغرب، ويستنكر فمن ذلك:

1 - تأويله للمسخ الواقع على اليهود:
ومن التأويل الذي خالف فيه الظاهر من السياق، ولم يقل به غيره (¬2) ما روي عنه في تفسير قوله تعالى: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (¬3).
قال مسخت قلوبهم، ولم يمسخوا قردة، وإنما هو مثل ضربه الله لهم كمثل الحمار يحمل أسفارا (¬4).
قال ابن جرير بعد أن ساق هذا التأويل: وهذا القول الذي قاله مجاهد، قول لظاهر ما دل عليه كتاب الله مخالف، ثم ذكر أنه لا دليل عليه، وختم بقوله: هذا مع خلاف قول مجاهد قول جميع الحجة التي لا يجوز عليها الخطأ والكذب فيما نقلته
¬__________
(¬1) القرآن العظيم هدايته وإعجازه (197).
(¬2) تفسير القرطبي (1/ 300).
(¬3) سورة البقرة: آية (65).
(¬4) تفسير الطبري (2/ 172) 1144، 1143، وتفسير ابن أبي حاتم (1/ 209) 677، وأورده ابن كثير عن ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد به (1/ 150)، وأورده السيوطي في الدر، وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم (1/ 185)، وينظر فتح القدير (1/ 96)، وتفسير ابن عطية (5/ 237)، وتفسير البغوي (2/ 79).

الصفحة 93