كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

فهذا المثال، قد خالف فيه الجمهور، وخالف الظاهر من النص القرآني (¬1).

3 - تأويله لمعنى الورود على النار:
وانفرد فيما يروى عنه في تفسير قوله جل وعلا: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (¬2).
فقال: الحمى حظ كلّ مؤمن من النار، ثم قرأ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (¬3).
ولعله قال بهذا مستأنسا بما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد مريضا من وعك به، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أبشر فإن الله تبارك وتعالى يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار» (¬4).
وبما ورد في الحديث: «الحمّى حظ المؤمن من النار» (¬5)، ثم إن قوله هذا لا يلزم منه نفي ما سواه، بل غاية ما يدل عليه التفسير بالمثال واللازم والله أعلم.

4 - تأويله لمعنى قوله: {ثُمَّ اجْعَلْ عَلى َ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً}
(¬6):
قال مجاهد: ثم اجعلهن أجزاء على كل جبل، ثم ادعهن يأتينك سعيا، كذلك
¬__________
(¬1) اعتذر عنه ابن كثير بقوله: وقد يتقوى ذلك بأن خبر المائدة لا تعرفه النصارى، وليس في كتابهم، ولو كانت قد نزلت لكان ذلك مما يتوفر الدواعي على نقله، وكان يكون موجودا في كتابهم متواترا، ولا أقل من الآحاد والله أعلم، ولكن الذي عليه الجمهور أنها نزلت، وهو الذي اختاره ابن جرير قال: لأنه تعالى أخبر بنزولها بقوله: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا}، قال: ووعد الله ووعيده حق وصدق اهـ، ينظر تفسير ابن كثير (2/ 225).
(¬2) سورة مريم: آية (71).
(¬3) تفسير الطبري (16/ 111)، وأورده ابن كثير عن ابن جرير به، (5/ 251).
وينظر تفسير الماوردي (3/ 384)، وتفسير ابن عطية (11/ 49)، وزاد المسير (5/ 257).
(¬4) أخرجه أحمد في مسنده (2/ 440)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 329) وابن ماجة في سننه (2/ 1149) 3470، والحاكم في مستدركه، وصححه ووافقه الذهبي (1/ 345).
(¬5) أخرجه أحمد في مسنده (5/ 252، 264)، والبخاري في تاريخه (7/ 63) والطبراني في الكبير (8/ 110) 7468، والعقيلي في الضعفاء (3/ 448).
وقال في مجمع الزوائد: إسناده حسن (2/ 306).
(¬6) سورة البقرة: آية (260).

الصفحة 95