كتاب الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها لابن قتيبة
قِيلَ لِأَعْرَابِيٍّ أَتَشْرَبُ النَّبِيذَ: فَقَالَ لَا أَشْرَبُ مَا يَشْرَبُ عَقْلِي. وَدَعَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ نُصَيْبًا أَوْ كُثَيِّرًا إِلَى نَدَامَتِهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي لَمْ أَصِرْ إِلَى هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ بِمَالٍ وَلَا دِينٍ وَإِنَّمَا وَصَلْتُ بلساني وعقلي فإنَّ رأيت أن لا تَحُولَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمَا فَافْعَلْ وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
وَمَنْ تَقْرَعِ الْكَأْسُ الذَّمِيمَةُ سِنَّهُ ... فَلَا بُدَّ يَوْمًا أَنْ يُرِيبَ وَيَجْهَلَا
فَلَمْ أَرَ مشروبا أخس غنيمة ... وأوضع للأشراف منها وأخملا
وأجد أن تلقى بغيها ... ويشربها حتى يخر مجدلا
وقال الآخر:
وَلَسْتُ بِلَاحٍ لِي نَدِيمًا بِزَلَّةٍ ... وَلَا هَفْوَةٍ كَانَتْ وَنَحْنُ عَلَى الخمر
عركت بجبيني قول خدني وصاحبي ... ونحن عَلَى صَهْبَاءَ طَيِّبَةَ النَّشْرِ
وَأَيْقَنْتُ أَنَّ السُّكْرَ طَارَ بِلُبِّهِ ... فَأَغْرَقَ في شتيمتي وقال وما يدري
الصفحة 136