كتاب الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها لابن قتيبة
فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ:
تَسْقِيكَ مِنْ عَيْنِهَا خَمْرًا وَمِنْ يَدِهَا ... خَمْرًا فَمَا لَكَ مِنْ سُكْرَيْنِ مِنْ بُدِّ
لِي نَشْوَتَانِ وَلِلنَّدْمَانِ وَاحِدَةٌ ... شَيْءٌ خُصِصْتُ بِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ وَحْدِي
قَامُوا فَسَجَدُوا لَهُ فَقَالَ: أَفَعَلْتُمُوهَا أَعْجَمِيَّةً لَا كَلَّمْتُكُمْ ثَلَاثًا وَلَا ثَلَاثًا وَلَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ تِسْعَةُ أَيَّامٍ فِي هِجْرَةِ الْإِخْوَانِ كَثِيرٌ، وَفِي هِجْرَةِ بَعْضِ يَوْمٍ اسْتِصْلَاحٌ لِلْفَاسِدِ، وَعُقُوبَةٌ عَلَى الْهَفْوَةِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: أَعَلِمْتُمْ أَنَّ رَجُلًا عَتَبَ عَلَى أَخٍ لَهُ فِي الْمَوَدَّةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَعْتُوبُ عَلَيْهِ: يَا أَخِي إِنَّ أَيَّامَ الْعُمْرِ أَقَلُّ مِنْ أَنْ تَحْتَمِلَ الْهَجْرَ. فَهَذِهِ جَرَائِرُ الْمُسْكِرِ قَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا مَا حَضَرَنَا وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أن نحيط بها. قالوا شاهدنا عَلَى أَنَّ السُّكْرَ وَالْخَمْرَ شَيْءٌ وَاحِدٌ مِنَ اللُّغَةِ أَنَّ الْخَمْرَ ما خمر المسكر يُخَمِّرُ فَاسْمُ الْخَمْرِ يَلْزَمُهُ.
وَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ لِمَنِ اعْتَقَبَ الصُّدَاعَ وَغَلِثَ النَّفَسَ وَالْإِرْعَاشَ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ مَخْمُورٌ وَبِهِ خُمَارٌ، وَيَقُولُونَ لِمَنْ أَصَابَهُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْكِرِ الذي يسمونه نبيذاً مخمور
الصفحة 162