كتاب الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها لابن قتيبة

وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ فَكَيْفَ جَعَلَهُ أَحَلَّ مِنْهُ وَنَحْنُ نَقُولُ إِنَّهُ لَيْسَ يَلْحَقُ وَكِيعًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَيْبٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مِنْهُ عَتَبٌ لِأَنَّ كَلِمَتَهُ خَرَجَتْ مَخْرَجَ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي مُبَالَغَتِهِمْ فِي الْوَصْفِ وَاسْتِقْصَائِهِمْ بِالْمَدْحِ وَالذَّمِّ يَقُولُونَ هُوَ أَشْهَرُ مِنَ الصُّبْحِ وأسرع من البرق وأبعد مِنَ النَّجْمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِكَذِبٍ لأنه السَّامِعَ لَهُ يَعْرِفُ مَذْهَبَ الْقَائِلِ فِيهِ وَكُلُّهُمْ مُتَوَاطِئُونَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ هُوَ أَحَلُّ مِنَ الْمَاءِ يُرِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي وَصْفِهِ بِالتَّحْلِيلِ وَإِنَّمَا عَابَ أَهْلُ الْكُوفَةِ ابْنَ إِدْرِيسَ بِمُخَالَفَتِهِ أَهْلَ بَلَدِهِ وَتَغْلِيظِهِ ما ترخصوا فيه.
وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي كَرَاهَتِكَ النَّبِيذَ وَمُخَالَفَتِكَ الْمَشَايِخَ وَأَهْلَ الْمِصْرِ؟ فَقَالَ هُوَ شَيْءٌ اخْتَرْتُهُ لِنَفْسِي. قُلْتُ: فَتَعِيبُ مَنْ شربه؟ قال: لا

الصفحة 177