كتاب الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها لابن قتيبة
يُرِيدُ أَنَّهُمَا يَغْتَبِقَانِ الْخَمْرَ الَّذِي يُوجِبُ شُرْبُهُ الْحَدَّ ثُمَّ تَنَبَّهَ فَقَالَ: يُوَافِقُ فُهْرَ الْيَهُودِ وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ الْعَابِدِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ وَلَا يُوجِبُ الْحَدَّ. وَفُهْرُ الْيَهُودِ هُوَ مَوْضِعُ مِدْرَاسِهِمُ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ قَدْ سَدَلُوا ثِيَابَهُمْ فَقَالَ: كَأَنَّهُمُ الْيَهُودُ خَرَجُوا مِنْ فُهْرِهِمْ.
وهذا أبو نواس شاه النَّاسَ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ:
يَا ابْنَةَ الْقَوْمِ اصْبَحِينَا ... مَا الَّذِي تَنْتَظِرِينَا
قَدْ جَرَى فِي عَوْدِهِ الما ... ء فَأَجْرَى الْخَمْرَ فِينَا
إِنَّمَا نَشْرَبُ مِنْهَا ... فَاعْلَمِي ذَاكَ يَقِينَا
كُلُّ ما كان حلالا ... لشرب الصَّالِحِينَا
قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ الْخَمْرُ رِجْسٌ فَقَدْ صَدَقُوا فِي اللَّفْظِ وَغَلِطُوا فِي الْمَعْنَى، إِنْ كَانَ أَرَادُوا أَنَّهَا نَتَنٌ لأنَّ الْخَمْرَ لَيْسَتْ مُنْتِنَةً وَلَا قَذِرَةً إِلَّا بِالتَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ النُّفُورَ مِنْهَا.
قَالَ الْأَخْطَلُ وَذَكَرَ الْخَمْرَ:
كَأَنَّمَا المسك نهى بَيْنَ أرْحُلِنَا ... مِمَّا تَضَوَّعَ مِنْ ناجودها الجاري
الصفحة 187