كتاب الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها لابن قتيبة
فِي جَاهِلِيَّتِهِ لِمَ لَا تَشْرَبُ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا تَزِيدُ فِي جُرْأَتِكَ.
وَالتُّرْكُ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعَجَمِ يَشْرَبُونَهَا فِي الْحَرْبِ، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَنَالُونَ مِنْهَا يَوْمَ اللِّقَاءِ وَلِذَلِكَ اصْطَحَبَهَا قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمُهَا.
وَفِي الْخَمْرِ أَنَّ كُلَّ شَارِبٍ يَمَلُّ شَرَابَهُ غَيْرَ شَارِبِهَا، وَأَنَّ أحدا لا يقدر يَشْرَبَ مِنْهَا فَوْقَ الرِّيِّ إِلَّا بِالْكُرْهِ لِلنَّفْسِ عَلَى الْقَلِيلِ غَيْرَ شارب الخمر وما أشهها مِنَ الْمُسْكِرِ.
حَدَّثَنَا الْقُطَعِيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُجْرَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ لَوْ كَانَ فِي شَرَابِهِمْ هَذَا خَيْرٌ لَرَوَوْا مِنْهُ.
وَفِي الْخَمْرِ أَنَّهَا تَزِيدُ فِي الْهِمَّةِ وَالْكِبْرِ وَتُهَيِّجُ الْأَنَفَةَ وَالْأَشَرَ.
وَسَقَى قَوْمٌ أَعْرَابِيًّا كؤوسا ثُمَّ قَالُوا لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي أَشِرًا وَأَجِدُكُمْ تَحَبَّبُونَ إِلَيَّ وَقَالَ الْأَخْطَلُ:
إِذَا مَا زِيَادٌ عَلَّنِي ثُمَّ عَلَّنِي ... ثَلَاثَ زُجَاجَاتٍ لَهُنَّ هَدِيرُ
خَرَجْتُ أَجُرُّ الذَّيْلَ مِنِّي كَأَنَّنِي ... عَلَيْكَ أَمِيرَ أمؤمنين أمير
العل بَعْدَ النَّهَلِ فَلِذَلِكَ قَالَ ثَلَاثَ زجاجات لأنها نهل وعلان
الصفحة 196