كتاب الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة

39…المائة والألف، فأرسل طائفة ممن يميل للجلوية يحرضوهم على المجيئ إلى المدينة، وأن يهاجموا [على] (1) القلعة وهم لهم أعوان إذا حلوا فيها ورأسهم الصالحي، فلما كان ليلة الأحد واحد وعشرين من جماد الثاني سنة 1156 ست وخمسين بعد المائة والألف تشوروا عليهم القلعة بين العشائين، وأتوا إلى باب القلعة من غير أن يشعر الموكلون به وبها وأغلقوه، وكان كثير منهم خارجه فظنوه أن الشبان تلعب ثم توجه أحدهم إلى بيت الكتخذا وأكمن جماعته وطلبه فخرج إليه مترفها فشد عليه الكمين وقتلوه، وقتلوا أخاه حمزة فأحسن بذل ولده حسين وكان بطلا شجاعا وخرج بسيفه فقط لأنه لم يظن ذلك وتجاول معهم ساعات، وصاروا بترادفون عليه ذرافات ذرافات، ومع هذا لم يتمكنوا منه وقد جذع فيهم كيف شاء إلى أن قتل الصالحي، وكان رئيسهم فخذوا ووهنوا وخافوا الفضيحة.
كل ذلك ولم يعلم بهم أحد ممن هو خارج القلعة، فختله بعضهم وعرقبه، فصار على ركبه يحمل عليهم الكرة بعد الكرة وهم يفرون من بين يديه وهو يضرب من شذ ويغرى من فذ إلى إن ذهب بعضهم إلى العين وبل عباه (2) بالماء، ثم ختله ورماها على كاهليه ورأسه فحينئذ أطفوا نور نبراسه ورزقه الله تعالى الشهادة وله في الآخرة إن شاء الله الحسنى فزيادة، ولما سمع بهم من يميل لهم أتوا إليهم أفواجا، ووقعت بينهم وبين أهل الحارة، وأرسل شيخ الحرم للدولة العلية يعرفها بذلك، وكذلك أرسل إلى جدة، والشريف مسعود، فأرسل الشريف مسعود جرده ودس إلى أميرها بأن شيخ الحرم إن لم يطع أهل القلعة في مطلوبهم م أخراج الخمسة الأنفار فأنت معهم عليه، وبلغ ذلك شيخ الحرم فأرسل إلى هزاع شيخ حرب واستمال بالمال بأن يرد عنه الجردة فجمع من قدر واستدعى بهزاع واستدعى بهزاع وعيد مشايخ حرب ومكنهم من المدينة غير مرة فأخربوها ونهبوها وجل أكثر الناس إلى المناخة، واستمر الحال على ذل إلى رجب، فأرسل الشريف مسعود بن سعيد أمير مكة في أمر الصلح بينهم ظاهرا وكان مباطنا لأهل القلعة فمشت بينهم الهدنة إلى مجيئ
__________
(1) ما بين المعقوقين إضافة لازمة.
(2) العباءة والعباية: ضرب من الأكسية، والجمع والعباء والعباءات الصحاح (عبى) 6/ 2418.

الصفحة 39