كتاب الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة

40…الحاج ولما وصل الحاج الشامي إلى المدينة أتى الفرمان بعزل عبد الرحمن أغا الكبير شيخ الحرم ونصب عبد الرحمن أغا الصغير نائب الحرم وخزندار سابقا في السنة المذكورة وهي سنة 1156 ست وخمسين بعد المائة والألف وذلك بما ذهب للدولة العلية من العروض من الشريف وغيره من القصائد الاستنجادية مثل قصيدة الشيخ محمد سعيد سغر وقصيدة السيد جعفر البيتي.
قال: السيد جعفر البيتي رحمه الله تعالى:
بكى على الدار لما غاب حاميها وجر حكمها فيها أعاديها
بكر لطيبة إذ ضاعت رعيتها وراعها بكلاب البرراعيها
بكى لمن هاجروا بالكره واحتملوا عنها وكانوا قديما هاجروا فيها
واها لكربتها واها لغربتها واها لجائعها واها لعاريها
واها لحالي لما قمت أنشدها الدار أطبق أخراس على فيها
يا دمنة (1) سلبت منها بشاشتها وألبست من ثياب المحل باقيها
وقفت فيها أعزيها لكربتها أعجب (*) على جلدى أنى أعزيها
فمن معينى بأحزان يضاعفها على من لعيوني من يواسيها
يا صاح ناد البواكي وابك أنت معي ولا تصبر نفس لا تسليها
ما مثل طيبة ما مثل الذي لقيت من الأسى (2) فبمن نرجو تأسيها
حاشا لمختلف الأملاك من غير الدًّ نيا وما صنعت فيها لياليها
يأبى الفداء لها من كل حادثة لو كان ينفعها أنى أفديها
وغاية الجهد أن أبكى له أسفا حتى تجف دموعي في مآقيها (3)
كان التغزل في جيران ذي سلم واليوم قد كثرت فيها مراثيها
هي المدينة أمست بعد عزتها كسيرة غاب عنها اليوم حاميها
ملهوفة كبدها حرا مقطعة محروقة فاسقها إن كنت تسقيها
__________
(1) كتب في الحاشية: " نسخة يا بلدة". والدمنه: المنزل الذي شد عنه أهله.
(*) أي أعجب من عزائي لها وأنا أحق بأن أعز
(2) في المخطوط كتبت: " الأسا"
(3) كتب في الحاشية: " نسخة أصافيها". ومآقيها: أطراف العين.

الصفحة 40