كتاب الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة

41…
ما قمت في نصرها حق القيام فلا أقل من أدمعي فيها ترويها
ما في الحياة ولا في العيش من أرب من مُنْعِمّ بوفاةٍ منه يسديها
عشنا إلى أن رأينا ما يُصَدِّعُها عشنا إلى أن رأينا ما ينكبها
مصيبة عرضت للمسلمين غدت عن كربلاء ويوم الدار يليها
فيا شقاوة من أمسى يروعها ويا سعادة من أمسى يراعيها
يا رحمة من قلوب المؤمنين لها في كشف عورتها من يغطيها
أشدُّ دارٍ خراباً لا عمارَ لَهُ دَارٌ أتَى هدمها كف بانيها
قصوا العجائب عنى وانقلوا خبرى على الحقيقة أمليكم وارويها
وذاك في مائة والألف يتبعها خمس وخمسون أحصاهُن مُحصيها
كان الأغاء اصطفى في السر طائفةً تبغي على الأمة الجلاّ وتَتْوِيها
لَموا عليه لأحْقَادٍ مُقَّدَّمةٍ تلوح في جُلِّهم والعجز يُخفيها
وأصلُهُ في الأغاء مال الغلا أتى عثمان بيك به للناس يوفيها
فضمه منه سرا ثم أنكره على الرعية يُقصْيها محصيها
ثم استقر به من بعدما شغبوا وليتهم تركوا الدعوى وداعيها
لكن دعاهم إلى ما كان ضرهم ناهيك بالضرر والبأسا وناهيها (*)
فدب منه عليهم مع عصابته عقارب (**) الكيد غاديها وساريها
وجاءهم كل من في قلبه مرض يسعى بعلته معهم يداويها
ورتبوا صُحُفاً تُقْرا لِقلعتهم ليلا وجاء العِدَى في زىّ قاريها
وحملوا فئة ِأخرى بنادقهم وسط التيازير تخفيها وتطويها
والناس في عقله شتى مفرقةٍ وذلك المكر والترتيب خافيها
وأصبحوا غلقوا الأبواب (***) ثم رموا بنادق البغى تهوى من مراميها
فقيل ما الأمر قالوا نشتكى ضررا من ستة وولى الأمر يبغيها
إما القتال وإما تخرجونهم وذلك القدر يكفيكم ويكفيها
__________
(*) معنى نأهيك: أى خذ النهاية.
(**) هى استعارة.
(***) الأبواب: أبواب المدينة.

الصفحة 41