كتاب الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة

65…الأغا، وأغلق عليه الباب ومكث محبوساً ثلاثة أشهر سوية، ولما أيسوا منه، ودخلوا المسجد وأغلقوا أبوابه التي من غير جهتهم: كباب الرحمة، وباب السلام، ومسكوا البيوت والحارات المتصلة بقرب المسجد النبوي من جميع الجهات، ثم علوا على المناير وأطلقوا رمى البنادق والناس في غفلة، وهجموا على الأزقة والأسواق ورما وصلوا إلى باب المصرى والساحة، وفرح واغتم كل مؤمن وأظهر النياحة، فلما شاع خبرهم، وشيش (1) صباحهم ورميهم، وكان من الشجاعة وقوة الجنان بجانب عظيم، وقسم جماعته قسمين قسم على الحماطة والآخر توجه على الساحة، فما غير ساعة حتى طردوهم طرد الكلاب وصاروا بين يديه كالغنم الهاربة من الذئاب، إلى أن وصل قرب ديار العشرة، ووصل محلاتهم وأخرجهم من متارسهم، واستمرت (2) الحرب بينهم ثلاثة أشهر كوامل، وصار المسجد النبوي بيت الفسوق بعد أن كان بيت العبادة إلى أن وصل الحاج الشامى وكان ,واليه محمد باش ب العظم، ولما وصل إلى الجرف طلع إليه الكتخذا محمد قمقجى بجماعته وطلع إليه الكتخذا أحمد مكى بجماعته فرأى أن الأمر صعب إن بقى أحدهما في المنصب أو تركهما على حالهما، وكان مفوضا من طرق الدولة العلية ورأى ميل الشريف سرور إلى الكتخذا محمد فنصبه وأخذ الكتخذا أحمد معه إلى مكة وسلمة للشريف وأطفى نار الفتنة، فجلست المدينة مطمئنة سنة كاملة غير أن جماعة القمقجى صاروا يتعرضون لجماعة المكي ويتهددوهم ويسخرون بهم ويضحكون عليهم، وأنشد في ذلك الأفندى قبيد فدك قصيدة حذا فيها حذو السيد جعفر في قصيدته التي عملها في فتنة كابوس وقد قدمناها وزنا وقافية لكن ما أبعد مرماه فأين من ثريا ذاك ثراه مطلعها. واها على طيبة مما جرى فيها من الفساد الذي قد حل ناديها واها على بلدة المختار من مضر قد سامها بفساد الرأى شانيها
__________
(1) في المخطوط: " شلش" ولم أجد له معنى. ولعله ما أثبته. والتشويش: التخليط. وقد تشوش عليه الأمر. الصحاح (شيش) 3/ 1009
(2) في المخطوط " استمر"

الصفحة 65