كتاب الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة

73…قضايا وأحوال إذا ما تحققت لعمري جال معرفه كئب
يقهقه منها كل وغد وبختشى عواقبها من زانه العقل واللب
وحقك لولا الحق حف بلطفه لشاهدت طوفان المصائب ينصب
فياليت شعرى هل لها في قيامها على ساقها أصل فيصفى لها القلب
وياليت ذاك الحزم والعزم بينهم على من يعاديهم أقامت به النجب
وياليتهم إن جاء باشا لديهم يطيعوه أو يلغى له الأكل والشرب
فوالهفى أين الرجال بطيبة وأين الغيور الحر والحازم الخصب
فلا حول فيما قد سعوا في انتهاكه ولا قوة إلا به وهو الحسب
ألا يا رسول الله غارة غيرة يذوب لها الجلمود واليابس الصلب
فلبدتك الغراء زاد خرابها وقامت للدغ الناس حياتها الجرب
وقطعت الأسباب فيها وعطلت وحق عليها الحزن والنوح والندب
وصار يحل الأمر خوفا وحالها غدا حالكا والخلق عمهم الكرب
وجرد سيف البغى والمنكر الذي به اله لا يرضى ولا أنت يا حب
إذا كان في حال السجود لجمعه وبين يدى من لا سواه لنارب
تدور رحى الهيجا لا وردها وتطحن ذا ذنب ومن لا له ذنب
فلم لا يعود الدين هذا كما بدا غريبا ومن يقبض عليه وينكب
كقابض جمر في يديه كما به لقد أخبرت عنه الرسائل والكتب
وما غر أهل البغى غير مقالة بأنك بحر لا يدرك الغرب
فلو شاهدوا أمواج انتقامك فيهم لأغمدت البيض البواتر والقضب
ولا نثروا ذاك الرصاص وصيروا رزاياه من كل الجوانب تنصب
ولا سبب كانوا لخلق كثيرة بوطئ ازدحام الناس ضمهم الترب
ولا نقضوا تلك العهود وأرجفوا بلادك واسترزاهم الشرق والغرب
فلا سقيت ساعتها وسعاتها وعلساتها (*) اللاتى بها رحل الركب
__________
(*) وعلساتها / فاخايت ضرب من الحنطة.

الصفحة 73