كتاب الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة

78…ولا وقاية، وتلا عليه لسان الحال: "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلقك آية" (1). وأخرج له القيود والأغلال، فقيدوها (يحجل بهم بين الرجال في ذلك المجال) وأخرجت الخلع والتلابيس، وطرحت على الكتخذا أحمد مكي وغمر فيها إلى التلابيس وأتيا مع الباشا إلى المدينة في الألآى هذا كالحافة به الزبانية والآخر كالباى، وهذا في نعمه العروس، وذاك في ليمه في شدة البؤس، غالب قلوب الخلق متغيرة عليه لما صدر من المفاسد المنسوبة حالا ومآلا إليه وقلت:
أسدان ضرغمان كل منهما شاكى السلاح ومضرب الأمثال
لكن من لبس الدروع مفاضة فرق وبين مصفد الأغلال
وقلت أيضا اقتباسا من القرآن الكريم.
لنور روضة جنة فيها قطوف دانية
ما مثلها نور اللظى تسقيه عين آنية
واستمر عند الباشا في العذاب الشديد، والنكال الأبيد إلى أن بلغ من الزيارة غاية الوطر ثم الوطر، ثم اقتعد خارج السفر، متوجها بذلك الغمام الركام، وأصحبه معه إلى البيت الحرام، وقبل وصوله إلى البيت الشريف بالسرور، وصل إليه بريد من الشريف سرور، بأنك سلمه إلينا، وإلا فلا طريق لك علينا، فسلمه إليه، ورجع عما عزم عليه، وجلس إلى أن عضى حجه، وعجه وشجه، وتمت منادمة أنسه، آب قاصداً مدينة قدسه، ووصل بعد الإقامة مصحوبا بالسلامة، وبعد أن صلحت البلاد، واطمأنت العباد من الفساد، ونادى منادي الحبور حي على اصطباح كامات السرور، وانساب سبسب شآبيب الراحة خلال الدور، وأنوأت قزع الراحة فهزمت حالك ظلام الديجور، وغنت الورق بأنواع الألحان على أغصان البان، ترنم بصوته الرخيم محبنا الصديق الحميم، المرحوم الشيخ أحمد الجامى الفاضل السامى وهناها بقدوم تاج الدين إلى محمد باشا بالفرامين، فيالها من فرحة لو تمت وواها لمصائبها التي في المآل عمت فإنا وإنا
__________
(1) سورة يونس آية 92.

الصفحة 78