كتاب الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة

79…إليه راجعون " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" (1)
يهينك يا بلدة المختار من مضر قدوم تاج العلا بالنصر والظفر
ونظم أحوالك في ناديك قد انتشرت عقود سيرتها في سائر القطر
ونفى ما حل في ناديك من خبث لحيث ألقت كما قد جاء في الخبر
حتى غدوا عبرة بين الحجيج كما تفرق أيدى سبا من أعظم العبر
وأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم ينوح فيها غراب البين بالكدر
هذا جزاؤهم بالنص حيث بغوا وحربوا الله والمبعوث بالسور
أليس قد أصبحت داراً لهجرتها وهبط الوحى مأوى العلم والنظر
فقل لمن خسر الدنيا وضرتها في حربها أين أنت اليوم فاعتبر
أين الركوب الذي يقضى بأنك أن في طيبة دمت لا تبقى ولا تذر
فالبعض تصلبهم والبعض تقتلهم والبعض قصدك نففيا لو إلى سقر
ولم تراع لأهل العلم مرتبة ولا لمتشح بالفضل متزر
حتى ركبت ذلول الذل وانتهكت أستار حزبك بين البدو والحضر
أما سمعت أحاديث الوعيد أما قد خرقت لك آذانا بمزدجر
كمن أراد بسوء أهل كاظمة أذابه الله ذوب الملح في النهر
هذا وما كانت الأقدار مسعفة فكيف لو أسعفت بالقصد والوطر
لكنت تمرق من ذإليه مرق سها م القوس في الخلق من مثر مفتقر
وحيث عاثت لك الآمال خائبة فاثبت لقهر رجال الوقت واصطبر
واعرف نتيجة خفار الذمام ومن رمى به الأمل الخوان في الخطر
ولم يبال بحامى الملك حافظة ظل الآله عظيم القَدر والقٌدر
مقلد المنن العظمى نحور بلا د المصطفى عونها بالتبر والبتر
طوق الخلافة سلطان البسيطة من هابته أسد الشرى فضلا عن البشر
عبد الحميد أدام الله دولته وصانها من صروف الدهر
والغير واعلم بأنك لو في أي مزبلة كمنت قنبش بالصمصامة الذكر
__________
(1) سورة يّس آية 82.

الصفحة 79