كتاب الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة

92…وتعاهدوا على نصرة الإسلام، وهجم القلعة على اليمن اللئام، ووكلوا بعضهم بعضا الخواص بتعبئة البارود وصب الرصاص، ثم اشتوروا في كيفية ذلك، وكيف لنا الدخول في مثل هاتيك المهالك، فقالوا يعمد أحدنا إلى مجلس الوزير الكائن برأس العنبرية، ويحرقه من غير أن يفطن به في هذه العشية، ونحن نتزين (1) الدور الكائنة بقرب القلعة والسور، فإذا خرج الوزير لما دهمه من الأمر الخطير، هجمنا عليهم القلعة، وأوصلناهم إلى أقصى القلعة، وأوصلناهم إلى أقصى القلعة، فتموا وفعلوا ما عزموا عليه، وانتظروا بعد تزبينهم تلك البيوت مجيئ خبر حرق الكشك إليه، فما كان قدر فواق، حتى دهمه ذلك الأمر انعاق فخرج راكباً فرسه، لينظر كيف صار غثا بالاحتراق ما غرسه، فلم يكن ببعيد من مأواه حتى جاءه بعض من نصره أولاً ورجع ناكصا على عقبيه، ولما استطمن في قلعته، وأمن من روعه بعد أن أغلق عليه القلعة من بغتته، سئل من نصحه وقمعه، عما كاد يهلكه وفصحه، فأخبره بكمال الصورة، وأكنه استشعر من مرارة بعض اضطلع على تلك السريرة، ولما رأى أولئك أنه قد خانهم التدبير وهوى بهم إلى حقيقى عقر البير، خرجوا طلبين الفرار لأنه لا مقعد لهم ولا قرار، فصادفوا بعد أن خرجوا من مقرهم بعض اليمن في الحماطة على ممرهم فواحدا قتلوه وآخر سلبوه ثم صاح الصائح ألا انفروا يا آل طيبة، وعجلوا بكامل عدتكم والعيبة، فما صدق الناس بمثل هذا الكلام حتى خرجوا من كل حدب نيسلون كالركام،، وصارت اليمن منهم من يسلل لواذا، ومنهم من يطلب ملجأ وملاذا، وحشر منهم في بئر لسبيل الحاكم المقابل الباب المصرى نحو خمسة وعشرين ظالم، فأخرجوا وقتلوا عن آخرهم وقتلوا من وقعوا عليه ممن كان في طرف الشريف وقطعوهم لدايرهم، وأما ما كان من أمر الموكلينبالقلعة السلطانية من تلك الطائفة الخارجية الشيطانية، فإنهم لما رأوا ما دهمهم من ذلك المنساب بادروا كالبرق إلى غلق الباب، ثم طلعوا إلى الأبراج، وأرموا هنان منافع البنادق والمدافع على الأوعار الفجاج، واستمروا على مثل هذه الأفعال مجدة نهر وليال وصار يطلع لهم بعض أهل المدينة إلى بعض
__________
(1) في المخطوط: "وأنى " خطا.

الصفحة 92