كتاب الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة

95…
الفتنة السابعة سنة 1194 أربع وتسعين ومائة وألف
فتنة الجردة، وما كانت لهم بالحرة من جردة، وذلك أن الشريف سرور لما بلغه ما وقع على اليمن من الشرور، أخذته الرأفة والحنية على طائفته اليمنية واستفزته الحمية الجاهلية على مجاورى الحضرة النبوية، فشخر وتخر، وعبس وبسر، وأدبر واستكبر، وقام وقعد ثم فكر وقدر وقال: إن هذا لسحر يؤثر، أبمثلى يفعل هؤلاء البشر سأصليهم سقر، وماأدراك ما سقر، لا تبقى عليهم ولا تذر، لواحة للبشر، وأرسل عليهم من نار الوبال شواظ بجنود كالليل شداد غلاظ لا عصوني فيما به آمرهم ولا يستطيع أحد أن يعاملني بما أعاملهم لندرن عليهم مناهل المنافع، فلذرن الرجال آجالا والديار بلاقع، ثم عمد إلى نحو الف مقاتل، ما بين رامح ونابل، وفارس وراجل، كاسر وساجل أظلم من سواد الليل، يحملون مناقع المنايا والويل وعليهم الشريف ناصر بن مستورة، فخرجوا من مكة بكامل العدد والعدد، مسرعين في السير يخدون فجاج مهامه الاوعارخد، متسربلين بسربال النكال والبغى وتحلين بجلباب حلى الوبال والطغى، فلم يزالو كذلك بين أغوار وأنجاد وقطع مهمامه وأوهاد، إلى بأن قربوا من البلاد، ووطؤا لهم في العريض مهاد فجاء خبرهم إلى المدينة من الرجال، لست بقين من شهر شوال، فلم يرعهم ذلك الخبر المهول، ولم يعبأ بهم أن يذكر سيرتهم أحد ويقول، ولما أصبح الصباح، وأضاء بنوره ولاح، ونادى منادي الفلاح بحيى على الفلاح شمر للهروب جيش ظلام الليل وأتى جيش النور عدوا خلوه مضمرا للذيل برز من خلف السور نحو ثلاثين هصور، ليس معهم سوى خمسة بنادق وما بقى فبالعصى والبيض والسمر الخوارق العوائق استهتارا بتلك الأنذال لئلا يقال خرجوا لنا بكامل العدة والرجال، ثم توجهوا لهم وأولئك أقبلوا، وأخلصوا أمرهم لله وإليه تبتلوا، فما كان دون فواق، حتى حصل بينهم التلاق، ودهم منهما على الآخر وهجم الدهم، وزحفوا على بعضهم في حرة دشم، وأحاط اللئام بالكرام، وضيقوا عليهم بذلك الجيش الطام، وأطلقوا عليهم الأعنة، وأشاروا نحوهم بالأسنة وظنوا أنهم آخذ بهم بحسب…

الصفحة 95