كتاب ناسخ الحديث ومنسوخه للأثرم

فقال قائلهم أليس قد شرب عمر نبيذاً شديداً. وقال نشرب هذا النبيذ الشديد لنقطع لحوم الإِبل في بطوننا. فرجعوا أيضاً إلى المتشابه من الكلام الذي لا يصح مخرجه، ولا يثبت خبره ولا يوافق ما روى عن عمر من الوجوه الصحاح معناه. وذلك أن أبا حيان التيمي، وعبد الله بن أبي السفر وغيرهما رووه عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر أنه قال: "الخمر ما خامر العقل ".
فجعل كل شراب غيّر العقل خمراً. والخمر لا يحل منها قليل وإن لم يسكر إلا أن يدعوا أن هذه خمر غير تلك التي حرم قليلها.
أفتزعمون أن عمر رضي الله عنه حرم خمراً، وحرم الله خمراً أخرى؟ فهذان إذاً خمران.
أحدهما حرمها الله تعالى، والأخرى حرّمها عمر. أو ليس قد بيّن في حديثه فقال: "يا أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة. ثم قال: والخمر ما خامر العقل. فإن أقررتم فقلتم بلى". إنما أراد عمر رضي الله عنه ما حرم الله ففسره.

الصفحة 214