كتاب الزهد لابن أبي الدنيا
265 - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، قَالَ: ثنا الْفُضَيْلُ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «§اتَّقُوا فُضُولَ الدُّنْيَا، فَإِنَّهَا رِجْسٌ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
266 - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: «§كَانَتِ الدُّنْيَا وَلَمْ أَكُنْ فِيهَا، وَتَكُونُ وَلَا أَكُونُ فِيهَا، وَإِنَّمَا لِي فِيهَا أَيَامِي الَّتِي أَنَا فِيهَا، فَإِنْ شَقِيتُ فِيهَا فَأَنَا شَقِيٌّ»
267 - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْحَوَارِيِّينَ قَامَ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا رُوحَ اللَّهِ حَدِّثْنِي عَنِ النَّفْرِ الزُّهَّادِ الَّذِينَ لَقِيَهُمْ يُونُسُ بْنُ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَعَلَّ ذَلِكَ يُنَبِّهُ أَبْنَاءَ الدُّنْيَا مِنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ، وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ ظُلْمَةِ الْجَهْلِ، §فَرُبَّ كَلِمَةٍ قَدْ أَحْيَتْ سَامِعَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَرَفَعَتْهُ بَعْدَ الضَّعَةِ، وَنَعَشَتْهُ بَعْدَ الصَّرْعَةِ، وَأَغْنَتْهُ بَعْدَ الْفَقْرِ، وَجَبَرَتْهُ بَعْدَ الْكَسْرِ، وَيَقَّظَتْهُ بَعْدَ الْوَسْنَةِ، فَنَقَّبَتْ عَنْ قَلْبِهِ فَفَجَّرَتْ فِيهِ يَنَابِيعَ الْحَيَاةِ، فَسَالَتْ فِيهِ أَوْدِيَةُ الْحِكْمَةِ، وَأَنْبَتَتْ فِيهِ غِرَاسُ الرَّحْمَةِ، إِذَا وَافَقَ ذَلِكَ الْقَضَاءَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْشَدَنِي مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ قَوْلَهُ:
[البحر البسيط]
مَا أَفْضَحَ الْمَوْتَ لِلدُّنْيَا وَزِينَتِهَا ... جِدًّا وَمَا أَفْضَحَ الدُّنْيَا لِأَهْلِيهَا -[129]-
لَا تَرْجِعَنَّ عَلَى الدُّنْيَا بِلَائِمَةٍ ... فَعُذْرُهَا لَكَ بَادٍ فِي مَسَاوِيهَا
لَمْ يَبْقَ مِنْ عَيْبِهَا شَيْءٌ لِصَاحِبِهَا ... إِلَّا وَقَدْ بَيَّنَتْهُ فِي مَعَانِيهَا
تُفْنِي الْبَنِينَ وَتُفْنِي الْأَهْلَ دَائِبَةً ... وَتَسْتَلِيمُ إِلَى مَنْ لَا يُعَادِيهَا
فَمَا يَزِيدُهُمْ قَتْلُ الَّذِي قَتَلَتْ ... وَلَا الْعَدَاوَةُ إِلَّا رَغْبَةً فِيهَا
الصفحة 128