كتاب الزهد لابن أبي الدنيا

439 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ الرَّقَاشِيِّ: كَانَ أَبُوكَ يَتَمَثَّلُ مِنَ الشَّعْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: كَانَ يَتَمَثَّلُ:
[البحر البسيط]

§إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا ... وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ
440 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِشْكَابَ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهِ يَعْنِي أَهْلَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ قَالَ: قُلْتُ لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ قَدْ عَرَفْتَ الرَّحِمَ الَّذِي بَيْنَنَا فَأَوْصِنِي قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَخِي إِنَّمَا §اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مَرَاحِلُ، يَنْزِلُهُمَا النَّاسُ مَرْحَلَةً مَرْحَلَةً، حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهِمْ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ سَفَرِهِمْ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُقَدِّمَ فِي كُلِّ يَوْمِ مَرْحَلَةٍ زَادًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا فَافْعَلْ، فَإِنَّ انْقِطَاعَ السَّفَرِ عَنْ قَرِيبٍ مَا هُوَ، وَالْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَتَزَوَّدْ لِسَفَرِكَ، وَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ مِنْ أَمْرِكَ، فَكَأَنَّكَ بِالْأَمْرِ قَدْ بَغَتَكَ، إِنِّي لَأَقُولُ لَكَ هَذَا وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَشَدَّ تَضْيِيعًا مِنِّي لِذَلِكَ "، ثُمَّ قَامَ وَتَرَكَنِي
441 - حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، قَالَ: كَتَبَ الْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَخٍ لَهُ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ §أُحِيطَ بِكَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسَارُ بِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَاحْذَرِ اللَّهَ وَالْمَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِكَ بِهِ، وَالسَّلَامُ
442 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي -[191]- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ زُهَيْرَ بْنَ نُعَيْمٍ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: §ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ بِيَوْمِكَ وَلَسْتَ فِي غَدِكَ، فَكُنْ فِي يَوْمِكَ، فَإِنْ يَكُنْ غَدٌ لَكَ كُنْتَ فِيهِ كَمَا كُنْتَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَإِنْ لَا يَكُنْ غَدٌ لَكَ لَمْ تَكُ تَأْسَفْ عَلَى مَا فَرَّطْتَ فِي جَنْبِ اللَّهِ

الصفحة 190