كتاب الزهد لابن أبي الدنيا

47 - حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: فِي بَعْضِ كُتُبِ الْحِكْمَةِ أَنَّ حَكِيمًا قَالَ لِبَعْضِ الْمُلُوكِ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّ §أَحَقَّ النَّاسِ بِذَمِّ الدُّنْيَا وَقِلَاهَا مَنْ بُسِطَ لَهُ فِيهَا وَأُعْطِيَ حَاجَتَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّعُ آفَةً تَعْدُو عَلَى مَالِهِ فَتَجْتَاحُهُ، أَوْ عَلَى جَمْعِهِ فَتُفَرِّقُهُ، أَوْ تَأْتِي بِسُلْطَانِهِ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَتَهْدِمُهُ، أَوْ تَدُبُّ إِلَى جِسْمِهِ فَتُسْقِمُهُ، أَوْ تَفْجَعُهُ بِمَنْ هُوَ بِهِ ضَنِينٌ مِنْ أَحْبَابِهِ. فَالدُّنْيَا هِيَ أَحَقُّ بِالذَّمِّ، هِيَ الْآخِذَةُ مَا تُعْطِي، الرَّاجِعَةُ فِيمَا تَهَبُ، بَيْنَا هِيَ تُضْحِكُ صَاحِبَهَا إِذْ أَضْحَكَتْ مِنْهُ غَيْرَهُ، وَبَيْنَا هِيَ تَبْكِي لَهُ إِذْ أَبْكَتْ عَلَيْهِ، وَبَيْنَا هِيَ تَبْسُطُ كَفَّهُ بِالْإِعْطَاءِ إِذْ بَسَطَتْهَا بِالْمَسْأَلَةِ، تَعْقِدُ التَّاجَ عَلَى رَأْسِ صَاحِبِهَا الْيَوْمَ وَتُعَفِّرُهُ فِي التُّرَابِ غَدًا، سَوَاءٌ عَلَيْهَا ذَهَابُ مَا ذَهَبَ وَبَقَاءُ مَا بَقِيَ، تَجِدُ فِي الْبَاقِي مِنَ الذَّاهِبِ خَلَفًا، وَتَرْضَى بِكُلٍّ مِنْ كُلٍّ بَدَلًا "
48 - حَدَّثَنِي 106112 إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: §يَحْسَبُ الْجَاهِلُ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ لَا شَيْءَ شَيْئًا، -[40]- وَالشَّيْءَ الَّذِي هُوَ الشَّيْءُ لَا شَيْءَ، وَمَنْ لَا يَتْرُكُ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ لَا شَيْءَ لَا يَنَالُ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ الشَّيْءُ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ الشَّيْءُ لَا يَتْرُكُ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ لَا شَيْءَ، يُرِيدُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ "

الصفحة 39