كتاب الزهد لابن أبي الدنيا

70 - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ، يَقُولُ: §يُجَاءُ بِالدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَبَخْتَرُ فِي زِينَتِهَا وَنَضْرَتِهَا، فَتَقُولُ، يَا رَبِّ اجْعَلْنِي لِأَخَسِّ عِبَادِكَ دَارًا، فَيَقُولُ: لَا أَرْضَاكِ لَهُ، أَنْتِ لَا شَيْءَ، فَكُونِي هَبَاءً مَنْثُورًا "
71 - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عُيَيْنَةَ: حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: §مَا الدُّنْيَا؟ إِنْ كُنْتُ لَبَائِعَهَا فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ كُلِّهَا بِشَرْبَةٍ عَلَى الظَّمَأِ "
72 - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ، يَقُولُ: قِيلَ: يَا ابْنَ آدَمَ §اجْعَلِ الدُّنْيَا دَارًا تُبَلِّغُكَ لِأَثْقَالِكَ، وَاجْعَلْ نُزُولَكَ فِيهَا اسْتِرَاحَتَكَ، لَا تَحْبِسْكَ كَالْهَارِبِ مِنْ عَدُوِّهِ، الْمُسْرِعِ إِلَى أَهْلِهِ، فِي طَرِيقٍ مُخَوِّفَةٍ، لَا يَجِدُ مَسًّا لِمَا يَقْدَمُ فِيهِ مِنَ الرَّاحَةِ، -[52]- مُتَبَذِّلٌ فِي سَفَرِهِ لِيَسْتَبِقِيَ صَالِحَ مَتَاعِهِ لِإِقَامَتِهِ، فَإِنْ عَجَزْتَ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فِي الْعَمَلِ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ هُوَ الْأَمَلُ. وَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ لِصًّا مِنْ لُصُوصِ تِلْكَ الطَّرِيقِ مِمَّنْ {يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام: 26] ؛ فَإِنَّ الْعَيْنَ مَا لَمْ تُبْصِرْ مِنَ الْقَلْبِ فَكَأَنَّمَا أَبْصَرَتْ سَهْوًا لَمْ تُبْصِرْهُ، وَإِنَّ آيَةَ الْعَمَى إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ بِذَلِكَ نَفْسَكَ أَوْ غَيْرَكَ، فَإِنَّهَا لَا تَقِفُ عَنِ الْهَلَكَةِ، وَلَا تَمْضِي فِي الرَّغْبَةِ، فَذَلِكَ أَعْمَى الْقَلْبِ وَإِنْ كَانَ بَصِيرًا "

الصفحة 51