كتاب نونية ابن القيم = الكافية الشافية

وكذا السماء تشق ظاهرا ... وتمور أيما موران
وتصير بعد الإنشقاق كمثل ها ... ذا المهل أو تك وردة كدهان
والعرش والكرسي لا يفنيهما ... أيضا وإنهما لمخلوقان
والحور لا تفنى كذلك جنة الـ ... مأوى وما فيها من الولدان
ولأجل هذا قال جهم إنها ... عدم ولم تخلق إلى ذا الآن
والأنبياء فإنهم تحت الثرى ... أجسامهم حفظت من الديدان
ما للبلى بلحومهم وجسومهم ... أبدا وهم تحت التراب يدان
وكذلك عجب الظهر لا يبلى بلى ... منه تركب خلقة الإنسان
وكذلك الأرواح لا تبلى كما ... تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
ولأجل ذلك لم يقر الجهم ما ال ... أرواح خارجة عن الأبدان
لكنها من بعض أعراض بها ... قامت وذا في غاية البطلان
فالشأن للأرواح بعد فراقها ... أبدانها والله أعظم شان
إما عذاب أو نعيم دائم ... قد نعمت بالروح والريحان
وتصير طيرا سارحا مع شكلها ... تجني الثمار بجنة الحيوان
وتظل واردة لأنهار بها ... حتى تعود لذلك الجثمان
لكن أرواح الذين استشهدوا ... في جوف طير أخضر ريان
فلهم بذاك مزية في عيشهم ... ونعيمهم للروح والأبدان
بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم ... أجسام تلك الطير بالإحسان

الصفحة 12