كتاب نونية ابن القيم = الكافية الشافية

ولها قناديل اليها تنتهي ... مأوى لها كمساكن الإنسان
فالروح بعد الموت أكمل حالة ... منها بهذي الدار في جثمان
وعذاب أشقاها أشد من الذي ... قد عاينت أبصارنا بعيان
والقائلون بأنها عرض أبوا ... ذا كله تبا لذي نكران
وإذا أراد الله إخراج الورى ... بعد الممات إلى المعاد الثاني
ألقى على الأرض التي هم تحتها ... والله مقتدر وذو سلطان
مطرا غليظا أبيضا متتابعا ... عشرا وعشرا بعدها عشران
فتظل تنبت منه أجسام الورى ... ولحومهم كمنابت الريحان
حتى إذا ما الأم حان ولادها ... وتمخضت فنفاسها متدان
أوحى لها رب السماء فشققت ... فبدا الجنين كأكمل الشبان
وتخلت الأم الولود وأخرجت ... أثقالها أنثى ومن ذكران
والله ينشئ خلقه في نشأة ... أخرى كما قد قال في القرآن
هذا الذي جاء الكتاب وسنة الـ ... ـهادي به فأحرص على الإيمان
ما قال إن الله يعدم خلقه ... طرا كقول الجاهل الحيران
فصل
وقضى بأن الله ليس بفاعل ... فعلا يقوم به بلا برهان
بل فعله المفعول خارج ذاته ... كالوصف غير الذات في الحسبان

الصفحة 13