كتاب نونية ابن القيم = الكافية الشافية

فصل
فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخـ ... ـتر لنفسك يا أخا العرفان
حور حسان قد كملن خلائقا ... ومحاسنا من أجمل النسوان
حتى يحار الطرف في الحسن الذي ... قد ألبست فالطرف كالحيران
ويقول لما أن يشاهد حسنها ... سبحان معطي الحسن والإحسان
والطرف يشرب من كؤوس جمالها ... فتراه مثل الشارب النشوان
كملت خلائقها وأكمل حسنها ... كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن وجهها ... والليل تحت ذوائب الأغصان
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من ... ليل وشمس كيف يجتمعان
فيقول سبحان الذي ذا صنعه ... سبحان متقن صنعة الإنسان
لا اليل يدرك شمسها فتغيب عنـ ... ـد مجيئه حتى الصباح الثاني
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل ... يتصاحبان كلاهما أخوان
وكلاهما مرآة صاحبه إذا ... ما شاء يبصر وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجهها ... وترى محاسنها به بعيان
حمر الخدود ثغورهن لآلئ ... سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها ... فيضيء سقف القصر بالجدران
ولقد روينا أن برقا ساطعا ... يبدو فيسأل عنه من بجنان

الصفحة 334