كتاب نونية ابن القيم = الكافية الشافية

أو كالطعام يلذ عند مساغه ... لكن عقباه كما تجدان
هذا هو المثل الذي ضرب الرسو ... ل لها وذا في غاية التبيان
وإذا أردت ترى حقيقتها فخذ ... منه مثالا واحدا ذا شان
أدخل بجهدك أصبعا في اليم وانـ ... ـظر ما تعلقه أذا بعيان
هذا هو الدنيا كذا قال الرسو ... ل ممثلا والحق ذو تبيان
وكذاك مثلها بظل الدوح في ... وقت الحرور لقائل الركبان
هذا ولو عدلت جناح بعوضة ... عند الإله الحق في الميزان
لم يسق منها كافرا من شربة ... ماء وكان الحق بالحرمان
تالله ما عقل امرئ قد باع ما ... يبقى بما هو مضمحل فان
هذا ويفتي ثم يقضي حاكما ... بالحجر من سفه لذا الإنسان
إذ باع شيئا قدره فوق الذي ... يعتاضه من هذه الأثمان
فمن السفيه حقيقة إن كنت ذا ... عقل وأن العقل للسكران
والله لو أن القلوب شهدن منـ ... ـا كان شأن غير هذا الشان
نفس من الأنفاس هذا العيش إن ... قسناه بالعيش الطويل الثاني
يا خسة الشركاء مع عدم الوفا ... ء وطول جفوتها من الهجران
هل فيك معتبر فيسلو عاشق ... بمصارع العشاق كل زمان
لكن على تلك لعيون غشاوة ... وعلى القلوب أكنة النسيان
وأخو البصائر حاضر متيقظ ... متفرد عن زمرة العميان

الصفحة 359