كتاب طبقات الفقهاء

أمره على الانتقال إلى مذهبه، فقدم مصر فقصد ابن وهب وقال: هذه كتب أبي حنيفة، وسأله أن يجيب فيها على مذهب مالك فتورع ابن وهب وأبي؛ فذهب إلى ابن القاسم فأجابه إلى ما طلب، فأجاب بما حفظ عن مالك (1) بقوله وفيما شك قال: إخال وأحسب وأظن (2) ، وتسمى تلك الكتب الأسدية. ثم رجع إلى القيروان وحصلت له رياسة العلم بتلك الكتب. ثم ارتحل سحنون بالأسدية إلى ابن القاسم فعرضها عليه فقال له ابن القاسم: فيها شيء لا بد من تغييره، وأجاب عما كان شك فيه، واستدرك منها أشياء، وكتب إلى أسد أن عارض كتبك بكتب سحنون فلم يفعل أسد ذلك، فبلغ ابن القاسم فقال: اللهم لا تبارك في الأسدية، فهي مرفوضة عندهم إلى اليوم. ومضى أسد غازياً ففتح القصر (3) من جزيرة صقلية ومات هناك وفيها قبره ومسجده (4) .
ومنهم أبو سعيد
سحنون
بن سعيد التنوخي (5) : وسحنون لقب واسمه عبد السلام وتفقه بابن القاسم وابن وهب وأشهب، ثم انتهت الرياسة إليه في العلم بالمغرب، وولي القضاء بالقيروان، على قوله المعول بالمغرب (6) كما على
__________
(1) المدارك: فأجابه فيما حفظ.
(2) زاد في المدارك: ومنها ما قال فيه: سمعته يقول في مسألة كذا وكذا ومسألتك مثله ومنه ما قال فيه باجتهاده على أصل مالك.
(3) كذا في ط؛ واللفظة مضبب عليها في ع ولم يظهر ما في الهامش، والمعروف أن أسداً توفي وهو محاصر سرقوسة.
(4) نقل القاضي عياض (2: 472) عن الشيرازي قوله: ((واقتصر الناس على التفقه في كتب سحنون ونظر سحنون فيها نظراً آخر فهذبها وبوبها ودونها وألحق فيها من خلاف أصحاب مالك ما اختار ذكره)) ولمك يرد هذا هنا.
(5) المدارك 2: 585.
(6) ط: في المغرب.

الصفحة 156