كتاب اعتلال القلوب للخرائطي (اسم الجزء: 2)

530 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا السَّائِبِ الْمَخْزُومِيَّ , وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ , سَمِعَ فَتًى يَتَغَنَّى:
[البحر المنسرح]
قَلْبِي عَلَيْكِ حَبِيسٌ مَوْقُوفُ ... وَالْعَيْنُ عَبْرَى وَالدَّمْعُ مَذْرُوفُ
إِنْ كُنْتِ بِالْحُسْنِ قَدْ وُصِفْتِ لَنَا ... فَإِنَّنِي بِالْهَوَى لَمَوْصُوفُ
يَا حَسْرَتَا حَسْرَةً أَمُوتُ بِهَا ... إِنْ لَمْ تَكُنْ لِي لَدَيْكِ مَعْرُوفُ
فَقَالَ: فَصَاحَ أَبُو السَّائِبِ صَيْحَةً وَقَالَ: §لَا أَعْرِفُ اللَّهَ إِنْ لَمْ أَعْرِفْ لَكَ حَقَّكَ , وَخَلَعَ عَلَيْهِ رِدَاءَهُ
531 - حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ , عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ قَالَ: عَرَضَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ -[265]- سِجْنَهُ , فَكَانَ مِنْ يَزِيدَ بْنِ فُلَانٍ الْبَجَلِيِّ , فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: «§فِي أَيِّ شَيْءٍ حُبِسْتَ يَا يَزِيدُ؟» قَالَ: فِي تُهْمَةٍ , أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ قَالَ: تَعُودُ إِنْ أَطْلَقْتُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَيُّهَا الْأَمِيرُ , وَكَرِهَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالْقَصَّةِ أَوْ يَوْمِئَ إِلَيْهَا فَيَفْضَحَ مَعْشُوقَتَهُ لِكَيْ لَا يَنَالَهَا أَهْلُهَا بِبَعْضِ الْمَكْرُوهِ , فَقَالَ خَالِدٌ لِأَوْلِيَاءِ الْجَارِيَةِ: أَحْضِرُوا رِجَالَ الْحَيِّ حَتَّى نَقْطَعَ كَفَّهُ بِحَضْرَتِهِمْ , وَكَانَ ابْنُ رَزَاحٍ فَكَتَبَ شِعْرًا وَوَجَّهَهُ إِلَى خَالِدٍ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
أَخَالِدُ قَدْ وَاللَّهِ أُعْطِيتَ عَشْوَةٌ ... وَمَا الْعَاشِقُ الْمِسْكِينُ فِينَا بِسَارِقِ
أَقَرَّ بِمَا لَمْ يَأْتِهِ الْمَرْءُ أَنَّهُ رَأَى ... الْقَطْعَ خَيْرًا مِنْ فَضِيحَةِ عَاتِقِ
وَلَوْلَا الَّذِي قَدْ خِفْتُ مِنْ قَطْعِ كَفِّهِ ... لَأَلْقَيْتُ فِي أَمْرِ الْهَوَى غَيْرَ نَاطِقِ
إِذَا بَدَتِ الرَّايَاتُ فِي السَّبْقِ لِلْعُلَى ... فَأَنْتَ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَوَّلُ سَابِقِ
فَلَمَّا قَرَأَ خَالِدٌ الْأَبْيَاتِ عَلِمَ صِدْقَ قَوْلِهِ , فَأَحْضَرَ أَوْلِيَاءَ الْجَارِيَةِ فَقَالَ: زَوِّجُوا يَزِيدَ فَتَاتَكُمْ , فَقَالُوا: أَمَا قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ مَا ظَهَرَ فَلَا , فَقَالَ: لَئِنْ لَمْ تُزَوِّجُوهُ طَائِعِينَ لَتُزَوِّجُنَّهُ كَارِهِينَ , فَزَوِّجُوهُ , وَنَقَلَ خَالِدٌ الْمَهْرَ مِنْ عِنْدِهِ "

الصفحة 264