كتاب اعتلال القلوب للخرائطي (اسم الجزء: 1)

70 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ رَاشِدٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ عُمَارَةَ الدَّارِمِيُّ قَالَ: " بَيْنَا نَحْنُ نَدُورُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الشَّامِ إِذْ أَتَيْنَا عَلَى رَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَأَشْرَفَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا لَهُ: " §مَا رَأَيْنَا أَعْجَبَ أَمْرًا مِنْكُمْ أَيُّهَا الرُّهْبَانُ أَصْبَرَ عَلَى وَحْدَةٍ وَخَلْوَةٍ وَظَلَفِ نَفْسٍ. فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: الْعَجَبُ وَالْفَضْلُ فِي غَيْرِنَا، أَنْتُمْ. قُلْنَا: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنَّ الرَّاهِبَ قَدْ أَغْلَقَ عَلَى نَفْسِهِ أَبْوَابَ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا، وَانْقَطَعَ رَجَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ، فَاسْتَوْطَنَ قَلْبَهُ الْإِيَاسُ مِنْ ذَلِكَ، فَسَكَنَ وَهَدَأَ، وَأَنْتُمْ فِي الدُّنْيَا بَيْنَ نَعِيمِهَا وَزَهْرَتِهَا، فَالزَّاهِدُ الْمُقِيمُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنَ الْمُتَخَلِّي عَنْهَا، وَإِنْ زَهَدَ فِيهَا "
71 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ»
72 - حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ -[41]- عَدِيٍّ قَالَ: كَانَتْ لِفَاطِمَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ زَوْجَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَارِيَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ فَائِقٍ، وَكَانَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ مُعْجَبًا بِهَا قَبْلَ أَنْ تُقْضَى إِلَيْهِ الْخِلَافَةُ، فَطَلَبَهَا مِنْهَا وَحَرَصَ فَأَبَتْ دَفْعَهَا إِلَيْهِ، وَغَارَتْ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ تَزَلْ فِي نَفْسِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَمَرَتْ فَاطِمَةُ بِالْجَارِيَةِ فَأُصْلِحَتْ ثُمَّ حُلِّيَتْ، فَكَانَتْ حَدِيثًا فِي حُسْنِهَا وَجَمَالِهَا، ثُمَّ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَتْ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ §كُنْتَ بِفُلَانَةَ جَارِيَتِي مُعْجَبًا وَسَأَلْتَنِيهَا فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْكَ، وَإِنَّ نَفْسِي قَدْ طَابَتْ لَكَ بِهَا الْيَوْمَ، فَدُونَكَهَا، فَلَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ اسْتَبَانَ الْفَرَحُ فِي وَجْهِهِ , ثُمَّ قَالَ: ابْعَثِي بِهَا إِلَيَّ، فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ أَعْجَبَهُ، فَازْدَادَ بِهَا عَجَبًا، فَقَالَ لَهَا: أَلْقِي ثَوْبَكِ، فَلَمَّا هَمَّتْ أَنْ تَفْعَلَ قَالَ: عَلَى رِسْلِكِ، اقْعُدِي، أَخْبِرِينِي لِمَنْ كُنْتِ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتِ لِفَاطِمَةَ؟ قَالَتْ: كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ أَغْرَمَ عَامِلًا كَانَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَالًا، وَكُنْتُ فِي رَقِيقِ ذَلِكَ الْعَامِلِ، فَاسْتَصْفَانِي عَنْهُ مَعَ رَقِيقٍ لَهُ وَأَمْوَالٍ، فَبَعَثَ بِي إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ صَبِيَّةٌ، فَوَهَبَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ لِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ. قَالَ: وَمَا فَعَلَ الْعَامِلُ؟ قَالَتْ: هَلَكَ. قَالَ: وَمَا تَرَكَ وَلَدًا؟ قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: وَمَا حَالُهُمْ؟ قَالَتْ: سَيِّئَةٌ. قَالَ: شُدِّي عَلَيْكِ ثَوْبَكِ. ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ عَامِلِهِ أَنْ شَرِّحْ إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ عَلَى الْبَرِيدِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ لَهُ: ارْفَعْ إِلَيَّ جَمِيعَ مَا أَغْرَمَ الْحَجَّاجُ إِيَّاكَ. فَلَمْ يَرْفَعْ إِلَيْهِ شَيْئًا إِلَّا دَفَعَهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْجَارِيَةِ فَدُفِعَتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخَذَ بِيَدِهَا قَالَ: إِيَّاكَ وَإِيَّاهَا فَإِنَّكَ حَدِيثُ السِّنِّ، وَلَعَلَّ أَبَاكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَطِئَهَا. فَقَالَ الْغُلَامُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هِيَ لَكَ. قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا. قَالَ: فَابْتَعْهَا مِنِّي. قَالَ: لَسْتُ إِذًا مِمَّنْ يَنْهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَمَضَى بِهَا الْفَتَى، فَقَالَتْ لَهُ الْجَارِيَةُ: فَأَيْنَ مَوْجِدَتُكَ بِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا لَعَلَى حَالِهَا -[42]-، وَلَقَدِ ازْدَادَتْ، فَلَمْ تَزَلِ الْجَارِيَةُ فِي نَفْسِ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ "

الصفحة 40