كتاب اعتلال القلوب للخرائطي (اسم الجزء: 1)

148 - حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي: " أَنَّ امْرَأَةً لَقِيَتْ كُثَيِّرَ عَزَّةَ، وَكَانَ قَلِيلًا ذَمِيمًا، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: كُثَيِّرُ عَزَّةَ قَالَتْ: " §تَسْمَعَ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ. قَالَ: مَهْ، رَحِمَكِ اللَّهُ، فَإِنِّي أَنَا الَّذِي أَقُولُ:
[البحر الطويل]

فَإِنْ أَكُ مَعْرُوقَ الْعِظَامِ فَإِنَّنِي ... إِذَا مَا وَزَنْتَ الْقَوْمَ بِالْقَوْمِ وَازِنُ
قَالَتْ: وَكَيْفَ تَكُونُ بِالْقَوْمِ وَازِنًا وَأَنْتَ لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِعِزَّةَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتِ ذَلِكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ قَدْرِي، وَزَيَّنَ بِهَا شِعْرِي، وَإِنَّهَا لَكَمَا قُلْتُ:

مَا رَوْضَةٌ بِالْحَزْنِ ظَاهِرَةُ الثَّرَى ... يَمُجُّ النَّدَى جَثْجَاثُهَا وَعَرَارُهَا
بِأَطْيَبَ مِنْ أَرْدَانِ عَزَّةَ مَوْهِنًا ... وَقَدْ وُقِدَتْ بِالْمَنْدَلِ الرَّطْبِ نَارُهَا
مِنَ الْخَفِرَاتِ الْبِيضِ لَمْ تَلْقَ شِقْوَةً ... وَبِالْحَسَبِ الْمَكْنُونِ صَافٍ فِخَارُهَا
فَإِنْ بَرَزَتْ كَانَتْ لِعَيْنِكَ قُرَّةً ... وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ يُعْمِمْكَ عَارُهَا
قَالَتْ: أَرَأَيْتَ حِينَ تَذْكُرُ طِيبَهَا فَلَوْ أَنَّ زِنْجِيَّةً اسْتَجْمَرَتْ بِالْمَنْدَلِ الرَّطْبِ لَطَابَ -[81]- رِيحُهَا، أَلَا قُلْتَ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
[البحر الطويل]

خَلِيلِيَّ مُرَّا عَلَى أُمِّ جُنْدُبٍ ... نَقْضِ لَبَانَاتِ الْفُؤَادِ الْمُعَذَّبِ
أَلَمْ تَرَ أَنِّي كُلَّمَا جِئْتُ طَارِقًا ... وَجَدْتُ لَهَا طِيبًا وَإِنْ لَمْ تَطَيَّبِ
قَالَ: الْحَقُّ وَاللَّهِ خَيْرُ مَا قِيلَ، هُوَ وَاللَّهِ أَنْعَتُ لِصَاحِبَتِهِ مِنِّي "

الصفحة 80