كتاب طبقات النحويين واللغويين

أبو العباس: صار أبو محلَّم يومًا إلى أحمد بن سعيد بن سَلْم، وقد وَلِيَ أحمد اليمامة والبحرين وطريق مكة، ومعه أعرابيٌّ، فاستأذن، فقيل له: هو نائم. فعدَل إلينا، وكنتُ مع جماعة بالقرب من بابه، فقال لي: يا أبا العباس، يحجبني صديقُك! فقلت: لا والله، ما خرجت حتى نام. فقال: لا والله، ولكنه كما قال الشاعر:
شاهَ الوجوهُ لِبغْثَانٍ على أَمِرٍ ... شيب المفارق أعلى نشئها بالِ
لا يصبِرون على خطب ألمَّ بهم ... ولا يفارقهمْ إلَّا أخ قالِ
قال: ثمَّ أقبل عليَّ الأعرابيُّ فقال: وكذلك الكذاب -يعني الأصمعيَّ- يقول: الديلمُ الأعداء، ولا والله ما الديلم إلا ماء، وقد وردتُه غير مرة، وهذا الحرف في شعر عنترة:
. . . . . . . . . . فأصبَحْت ... زوراءَ تنفِر عن حياضِ الدَّيْلمِ
قال الأصمعيُّ: هم الأعداء. وهو اسم ماء، فغلِط الأصمعيُّ.
محمد بن علي بن حمزة العلوي، وأبو سعيد السكري قالا: حدثنا الرياشيُّ، عن الأصمعي قال: لما قدم المفضَّل البصرة، أنشد بيت أوس بن حَجَر:
وذات هِدْمٍ عارٍ نواشرُها ... تُصْمِتُ بالماء تَوْلَبًا جَذعا

الصفحة 173