كتاب طبقات النحويين واللغويين

والصَّقْر قد علّق الحبارى ... في موطن للحِمام حُمَّا
وبعدَ ذاك الكَرى الملقِّي ... عِقالُه اليومَ حيثُ أَمَّا
ثم ابن ماءٍ وببَّغاه ... مر القمارِيّ وهْوَ لَمَّا
يتمّ إلا بلفظ اسمٍ ... معدوم معنًى إذا يسمَّى
وبعدَه الببَّغا وما قد ... حواه بيت الكرى وضمَّا
وبعده للغراب حرفٌ ... والباز ثم الظَّليم ثَمَّا
حرفٌ به تمَّت المعاني ... اسمٌ صحيح وليس جِسْمَا
فهاكها يا فتى المعاني ... مثل اللآلي نُظِمْنَ نَظْمَا
وافْخَر بإخراجِك المُعمَّى ... فيها على مُخْرِجي المعمَّى
فأجبتُه فقلتُ:
يا ألطفَ العالمين علما ... وأعظمَ الأحلَمِين حِلْمَا
أغْرقتني في بحورِ فكرٍ ... فكدتُ منها أموتُ غَمَّا
كلَّفتَني غامضًا عويصًا ... أرجُم فيه الظنونَ رجمَا
بيتًا من الشعر ذا رسوم ... لم أك منها عهدت رسمَا
تصدُّ إِذْ رُمته بنبْلٍ ... حتى إذا ما يئستُ أَوما
ما زلت أَسْرو السجوفَ عنه ... كأنَّني كاشفٌ لِظَلْمَا
أقرُبُ من نيْله وأنأَى ... مستبصرًا تارةً وأعمى
حتى بدا مُشرقَ المحيَّا ... كالبدر لمَّا اعتلى وتمَّا
لله من منطق وجيزٍ ... قد جلَّ قدرًا ودقَّ فهمَا
أخلصتَ لله فيه قولًا ... سَلَّمتَ لله فيه حُكمَا
إذ قلتُ قولَ امرئٍ حكيمٍ ... مُرَاقِبٍ للإلهِ عِلمَا
الله ربِّي وليُّ نفسي ... في كُلِّ بُوسَى وكُلِّ نُعْمَى

الصفحة 312