كتاب طبقات النحويين واللغويين

حدثنا أحمد قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا مروان قال: حدثنا العباس بن الفرج الرياشي قال: كان سيبويه سُنِّيًّا على السُّنَّةِ.
حدثنا مروان، حدثنا الرياشي قال: سمعتُ عمرو بن مرزوق يقول: رأيتُ سيبويهِ والأصمعيَّ يتناظران، قال: يقول يونس بن حبيب: الحق مع سيبويه، وقد غلب ذا -يعني الأصمعي- بلسانه.
وحكى أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس النحوي المصري قال: قال أحمد بن يحيى ثعلب، ومحمد بن يزيد المبرد: لما ورد سيبويه العراق شقَّ أمرُه على الكِسائي، فأَتَى جعفرَ بن يحيى بن برمك، والفضلَ بنَ يحيى بن برمك وقال: أنا وليُّكما وصاحبُكما، وهذا الرجل إنما قدم ليُذهب محلي. قالا: فَاحْتَلْ لنفسك، فإنَّا سنجمع بينكما. فجُمِعا عند البرامكة، وحضر سيبويه وحده، وحضر الكسائي ومعه الفراء والأحمر وغيرهما من أصحابه. فسألوه: كيف تقول: "كنت أظن العقرب أشدَّ لَسْعَةً من الزُّنبور، فإذا هو هي" أو "هو إيَّاها"؟ قال: أقول: "فإذا هو هي". فأقبل عليه الجميع فقالوا: أخطأتَ ولحنتَ. فقال يحيى بن خالد بن برمك: هذا موضعٌ مُشكِلٌ؛ حتى يُحكَمَ بينكم. فقالوا: هؤلاء الأعراب على الباب. فأُدخِلَ أبو الجراح ومَن وُجد معه ممَّن كان يأخذ منه الكسائي وأصحابه، فقالوا: "فإذا هو إياها". فانصرم المجلس على أنَّ سيبويه قد أخطأ. فأعطاه البرامكة وأخذوا له من الرَّشيد، وبُعِث به إلى بلده، فيقال: إنه ما لبث إلا يسيرًا، ثم مات كمدًا.
قال أبو الحسن علي بن سليمان: وأصحاب سيبويه إلى هذه الغاية لا اختلافَ بينهم أن الجواب كما قال سيبويه، وهو: "فإذا هو هي"؛ أي: فإذا هو مثلُها. وهذا موضع الرفع، وليس موضع النصب. فإن قال قائل: فأنت تقول: خرجتُ فإذا زيدٌ قائمٌ وقائمًا، فتنصب "قائمًا". ولم يكن "فإذا هو إياها"؛ لأن "إيَّا" للمنصوب، و"هي" للمرفوع؟ فالجواب في هذا أن "قائمًا" انتصب ثَمَّ على

الصفحة 68